الحياة الماضية. فكان مصير النقّاد : المعارضة والتهميش والملاحقة والتكفير.
وانطلاقاً من قاعدة : «أن لا شيء يقع خارج دائرة الفحص والجدل فلسفيّاً» :
فإنّ انقسام علمائنا إلى أهل ظاهر وباطن ، أهل تنزيل وتأويل ، وما شهدناه من صراعات السلفيّة والمعتزلة والأشعريّة والعدليّة ، المغلّفة بالنقد وتفكيك البُنى الفكريّة وتفتيت المسلّمات وهدم البراهين ، المتجسّدة في أنظار الغزالي بنقده الفلسفة المشّائيّة ، وابن رشد في تهفيته الغزالي وغيره في جوانب من مسائلهم بإسم اليقين والبرهان ، وابن خلدون بنقده الفلسفة الإلهيّة والتصوّف الغيبي اللاواقعيّين ، وملاّ صدرا في انتفاضته على منكري حركة الجوهر ...
يثبت فاعليّة حركة الفكر النقدي آنذاك وانتشارها وإن كانت بأساليب تتناسب مع المكان والزمان بمصطلحات نقديّة تناسبهما أيضاً مثل : المشاغبة ، التبكيت ، التعاند ، المغالطة ، التحيير ، المنع ، التسخيف ، التهفيت ، التضعيف ، المرجوحيّة ...
أمّا الفكر النقدي الحديث فهو عقلاني التوجّه نوعاً ، يعالج قضاياه ويتناول قضايا الآخرين مراعياً وجهتي المع والضدّ ، ومطلقاً أحكامه التقديريّة والتقويميّة عليها : أهي صحيحة أم كاذبة ، عادلة أم جائرة ، مقبولة أو مرفوضة ، فالناقد ـ بأدواته المعرفيّة ومنهجه العلميّ القائم على