لكنّ الذي يكوي الضلوع ويفتّت الأحشاء أن تجد ذاتك وسط فضاء يبدو مستعدّاً لعدم احترام عطائك وإخلاصك ، فيمهّد لتلك الخشية من كون فضاءاتنا لا تعير أهمّيّةً لجوهر الدين واُصوله وأخلاقه وإنّما اتّخذته وسيلة ومغنماً ودرعاً.
وكما أسلفت ، فالأفكار والأقلام لا تقف متفرّجة ، إنّما تلج الميدان بكلّ إرادة وتصميم لتعرب عن شجبها للواقع الوجود ، فتبيّن الهفوات والفجوات ، وتطرح البديل الذي يستجيب لقيم الدين الصحيحة ومفاهيمه السليمة.
وإذ أكون أنا النوعي مرشّحاً عمليّاً لما ذكرت فالنظائر كثيرون ، بل هم أشدّ مصداقيّة وأكثر وضوحاً في هذه القضيّة. وليست هي بأوّل قارورة تكسر ، فنحن على هذا المنوال منذ قرون بعيدة ، منذ أمد طويل والمعاناة بشتّى صنوفها طاغية علينا ولم يتغيّر في الحال شيء ، نعم إن استقامت الملاكات واُصلحت الموازين وصرنا في شوق ورغبة إلى الثوابت والاُصول حينها ينمو الأمل ويكبر التفاؤل ، شيءٌ يقابله حزن الوجوه الناعمة والأيادي التي تدير شؤون الناس بالقشور والمظاهر والشعارات.
أليس من حقّ الجباه المحرومة والعيون الغائرة أن تفرح وتشدو وتنعم بالطيّبات من الحلال ، إلامَ تبقى الرفاهيّة حكراً على الوجوه الناعمة وتبقى «العوام» في بؤس وألم وشقاء ، إلامَ يبقى «الدين والأحكام والأموال» بقبضة الذين يؤوّلونه يميناً وشمالاً بينا الآخرون في حسرة