وفي مفاتيح الغيب (: ٢١٤ ، ٢١) :
ما يرد على القلب أوّلاً هو المسمّى بالخاطر ، وهو صورة علميّة ، كما لو خطر له مثلاً صورة امرأة وأنها وراء ظهره في الطريق لو التفت لرآها.
والثاني : هيجان الرغبة إلى النظر ، وهو حركة الشهوة التي في الطبع المسمّاة بالشوق ، فهذا يتولّد من الخاطر الأوّل ، ويسمّى ميل الطبع أيضاً ، ويسمّى الأوّل حديث النفس ; إذ قلّما ينفكّ الإنسان في مثل ذلك الحالة عن المحادثة مع نفسه.
والثالث : حكم القلب بأنّ هذا ينبغي أن يفعل ، أي ينبغي أن ينظر إليها ، فإنّه الطبع إذا مال لم تنبعث الهمّة والنيّة ما لم تندفع الصوارف ، فإنّه قد يمنعه حياء أو خوف من الالتفات ، وعدم الصوارف ربما يكون بتأمّل ، وهو على كلّ حال حكم من جهة العقل ، ويسمّى هذا اعتقاداً ، وهو يتبع الخاطر والميل.
والرابع : تصميم العزم على الالتفات وجزم النيّة فيه ، وهذا نسمّيه همّاً وقصداً ، وهذه الهمّة قد يكون لها مبدأ ضعيف ، ولكن إذا أصغى القلب إلى الخاطر الأوّل حتى طالت محادثته للنفس ، تأكّدت هذه الهمّة وصارت إرادة مجزومة ، فإذا انجزمت فربما يقدم على الجزم فيرتكب العمل ، وربما يقف بعارض ولا يعمل به ولا يلتفت إليه ، وربما يعوقه عائق فيتعذّر عليه العمل.