وقال في المبدأ والمعاد (: ١٥٢ ، ١٣) : الشوق يصحبه قصور ، وأمّا العشق فقد يتقدّس ويتعالى عن الشوائب. فالأوّل عاشق لذاته معشوق لذاته ، عُشِق أو لم يُعشَق. لكنّه معشوق لذاته من ذاته ومن غيره ، وهو جميع الموجودات المفتقرة إليه ; إذ ما من موجود إلاّ وله عشق غريزي وشوق طبيعي إلى الخير المطلق والنور المحض ، بلا شوب شرّيّة وظلمة ونقص وآفة.
قال الطوسي في اللمع (: ٩٤ ، ١١) : الشوق هو لعبد تبرّم ببقائه شوقاً إلى لقاء محبوبه ، وسُئل بعضهم عن الشوق فقال : هيمان القلب عند ذكر المحبوب ، وقال آخر : الشوق نار الله تعالى أشعلها في قلوب أوليائه حتى يحرق بها ما في قلوبهم من الخواطر والإرادات والعوارض والحاجات.
قال القشيري في رسالته (: ١٦١ ، ٣٤) : سُئل بن عطاء عن الشوق فقال : احتراق الأحشاء وتلهّب القلوب وتقطّع الأكباد. وسُئل : الشوق أعلى أم المحبّة؟ فقال : المحبّة ; لأنّ الشوق منها يتولّد ..
وقال أيضاً (: ١٦٢ ، ٢٦) : سمعت السري يقول : الشوق أجلّ مقام للعارف إذا تحقّق فيه وإذا تحقّق في الشوق لها عن كلّ شيء يشغله عمّن يشتاق إليه. وقال أبو عثمان الحيري في قوله عزّوجلّ : (فَإِنَّ أَجَلَ اللهَ لاَت) (١) : هذا تعزية للمشتاقين ، معناه : إنّي أعلم أنّ اشتياقكم إليّ غالب وأنا أجّلت للقائكم أجلاً ، وعن قريب يكون وصولكم إلى من تشتاقون إليه.
__________________
١. سورة العنكبوت : ٥.