والكاظمي ، العاملي ، ومحمّد الأردبيلي ، وهم متقاربوا العصر تمييز المشتركين من الرّواة في الأسماء والكني بالرواة عنهم ، ومن رووا عنه ، وقد استقصى ذلك الأخير منهم في كتابه جامع الرّواة الّذي صنّفه في عشرين سنة (١) كالكافي والوسائل ، ذاكرا كلّ راو ومرويّا عنه من أخبار الكتب الأربعة.
ولم أقف على تعرّض من قبلهم لذلك وهو تخليط وخبط وتحقيقه : أن الأصل في التّعريف بالرّاوي رجال البرقي ، ثمّ رجال الشّيخ ، والغالب في الأوّل بيان أنّ فلانا لا يعرف إلّا من طريق فلان فعرف كثيرا من أصحاب الصّادق عليهالسلام برواية ابن مسكان عنهم ، وبعضهم : برواية ابان وبعضهم : برواية علي بن الحكم ، وبعضهم برواية سيف ، وبعضهم برواية يونس بن يعقوب ؛ وحينئذ فيدل على حصر المروي عنه في الرّاوي ، بمعنى : أنّ الرجل لم يرو عنه غير هذا الرّاوي لا أنّ هذا الرّاوي لم يرو عن غير ذلك الرجل كما هو مدّعاهم.
كما أنّ الغالب في الثّاني بيان الطبقة بالراوي أو المروي عنه ، أو هما معا ، فلا يدلّ على الحصر في واحد منهما فعرّف في من لم يرو عنهم عليهمالسلام كثيرا منهم برواية حميد بن زياد النينوائي ، وهارون بن موسى التلعكبرّي عنهم ...
وبالجملة : لا يصحّ الحكم بحصر الرّاوي إلّا بالتصريح كما في أبان بن عمر ، فقالوا : إنّه لم يرو عنه إلّا عبيس. كما لا يصحّ الحكم بعدم الرّواية إلّا بالتصريح كقول الكشّي : إنّ يونس لم يرو عن إبني الحلبي.
أقول : ما ذكره موجه في الجملة ، إلّا أنّ المناط في القبول والردّ هو الاطمئنان وكثيرا ما يحصل بملاحظة الرّاوي والمروي عنه ، فإطلاق كلامه كإطلاق كلام الأردبيلي وغيره ممنوع.
والحقّ هو التّفصيل وإناطة الحجيّة بالاطمئنان ، وهو يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ولا ضابط له. ولو أغمض النظر عنه لم يكن التصريح أيضا حجّة ؛ لأنّ عدم الوجدان أعمّ من عدم الوجود ، ألّا ترى أنّ الكشّي نقل عن يونس أنّ ابن مسكان لم يرو عن الصّادق عليهالسلام إلّا حديث من أدرك المشعر. والنجّاشي أيضا أنكر حديثه عنه عليهالسلام ، والحال أنّه
__________________
(١) بل في خمس وعشرين سنة كما حكي عن الأردبيلي في مقدّمة جامع الرّواة.