|
حاله ، والجارح يخبر عن باطن خفيّ على المعدل ، (١) هذا إذا أمكن الجمع بين الجرح والتعديل وإلّا تعارضا ، كما إذا شهد الجارح بقتل إنسان في وقت ، فقال المعدّل رأيته بعده حيّا ونحوه. (٢) |
أقول : إن تمّ ما قيل في وجه تقديم الجرح فهو ، وإلّا فيتعارضان فيصير الرّاوي مجهول الحال والنتيجة في كلتا الصورتين واحدة ، إلّا على وجه سبق منّا في تقديم التوثيق.
وإعلم : أنّ اختلاف الشّهود في الجرح والتّعديل ، قد يشتمل على قرينة توجب تقدّم أحدهما على الآخر بحسب الدّلالة.
وقد لا يشتمل عليها كما في فرض إطلاقهما : فلان عدل ، فلان فاسق ، أو : فلان ثقة ، فلان ضعيف.
وقد يشتمل على التصريح بالتضاد ، كما إذا قال المعدّل : زيد كان عادلا في تمام شهر رمضان ، وقال الجارح أنّه كان يفطر متعمّدا ، أو كان يكذب في شهر رمضان.
أمّا الفرض الأوّل ، فهو تابع لدلالة القرينة في تقدّم أحدهما على الآخر. كما إذا قال : كان زيد عادلا في شهر رمضان ، ولم أر منه صدور كبيرة بعده. وقال الجارح : رأيت منه كبيرة أو كبائر في شوال مثلا ، فنبني على صدق كلتا البينتين ، ونحكم بفسق زيد.
وإن قال الجارح : كان زيد فاسقا في شهر كذا ، ولم أر منه التّوبة والاصلاح بعده. وقال المعدّل : رأيت منه الصلاح وعلمت منه ملكة العدلة ، فنحكم بعدالة زيد ، ولا تعارض بين الشّهادتين.
وفي الفرضين الأخيرين يسقط المدح والذّم للتعارض ، فلا يحكم بأحدهما ، فيرجع إلى استصحاب الحالة السّابقة ـ إن كانت ـ وإلّا فيصبح الفرد مجهولا لا يترتّب عليه أحكام الفسق ولا أحكام العدالة ، وهذا هو معنى : التوقّف عن الحكم.
وفي الجواهر : أو يقال : إنّ المراد التوقف عن الحكم أصلا ، حتّى بيمين المنكر الّذي لم يعلم حجيّته في هذا الحال باعتبار وجود بيّنة المدعي ، وإن كان لا عمل عليها باعتبار معارضتها ببيّنة الجرح ، وحينئذ فيكون ميزان الحكم مجهولا لانسياق الأدلّة في غير الفرض فيرجع إلى الصلح أو غيره ، فتأمّل.
__________________
(١) أقول : قد يكون عكس ذلك ويكون المخبر عن باطن خفي هو المعدّل.
(٢) الدراية : ٧٣.