في أصول الفقه ، وإحراز عدم الفسق وجدانا أو تعبّدا ممكن كإمكان ثبوته بالعلم والإقرار والبيّنة ، فلا يلزم التكليف بما لا يطاق ومع الغضّ عنه لا يلزم من التوقّف في إخبار مجهول الحال كونه أسوء حالا من المعلوم الفسق ؛ لأنّ العقلاء يحكمون باشتراط اعتبار قول المجهول الحال بالتّبيّن ، فهما من هذه الجهة ـ أي : اشتراط جواز العمل بقولهما بالتبين ـ على السواء.
وقد يقال :
إنّ المستفاد من الآية مانعيّة الفسق عن قبول الخبر ، فإذا شكّ فيه فالأصل عدمه.
أقول :
اشتراط العمل بخبر الفاسق بالتبيّن والتعليل المذكور في الآية : (... أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ ...) ، يدلّان على أنّ المناط في قبول الخبر هو صدق المخبر وعدم كذبه ، ومن المعلوم إنّ الاطمئنان لا يحصل من أصالة عدم الفسق فمجهول الحال ، كالمعلوم فسقه في اشتراط قبول خبره بالتّبيّن.
ومنه ينقدح بطلان أصالة العدالة أيضا في المقام ، فإنّ المسلم المشكوك فسقه لا يقبل قوله مطلقا ، بل هو مقيد بالتّبيّن والاطمئنان ولو نوعا بعدم كذبه ، فتأمّل.
القول الثالث :
حجيّة مراسيل أصحاب الإجماع المذكورين في كتاب رجال الكشّي ، كما عن المشهور ، وحيث إنّا ذكرنا هذا الموضوع في البحث الحادي عشر ، فلا نبحث عنه هنا ، وقد ثبت أنّ مراسيلهم ، كمراسيل غيرهم في عدم الاعتبار.
القول الرابع :
حجيّة مراسيل محمّد بن أبي عمير.(١)
يقول المامقاني : إنّ محمّد بن أبي عمير تفرّد في تسالم الكلّ على قبول مراسيله وعدّهم إيّاها بحكم المسانيد المعتمدة ، ونحو ذلك وإن قيل في نفر آخرين أيضا ، إلّا أنّ القائل نفر ولم يقع على هؤلآء تسالم الكلّ ...
__________________
(١) وهو من الثقات الأجلّاء فقد ذكره الرجاليّين بكل ثناء.
قال الشّيخ : كان أوثق الناس عند الخاصّة والعامّة وأنسكهم نسكاو أورعهم وأعبدهم ، وقد ذكره الجاحظ في كتابه. بهذه الصفة الّتي وصفنا وذكر أنّه كان واحد زمانه في الأشياء كلّها و ...
وقال النجّاشي : إنّه جليل عظيم المنزلة فينا وعند المخالفين.