الجواب الثالث :
إنّ هؤلآء المشائخ الثّلاثة إنّما رووا عن الضعاف في زمان وثاقتهم دون حال انحرافهم.
أقول :
دفع الإشكال بهذا الاحتمال ، ضعيف ، خارج عن البحث العلمي ، لا سيّما إذا لم يثبت إنّ الرّاوي له حالة استقامة وحالة انحراف.
الجواب الرابع :
أنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عمّن يثقون بهم أنفسهم ، ولا يعتبر أن يكونوا من الموثوق بهم عند غيرهم ، وهذا نظير ما أجاب بعض أهل السنّة عن ادّعاء مسلم صاحب الصحيح ، حيث ادّعي إنّ روايات كتابه مقبولة عند الكلّ ، فقال : أي : باعتقاد مسلم إنّها مقبولة عند الكلّ.
وفيه إنّه خلاف ظاهر كلام الشّيخ ، وثانيا أنّه لا يجدي ولا ينفع شيئا ، فإنّا مأمورون بالعمل باخبار من نثق به لا بأخبار من يثق به أحد هؤلآء الثّلاثة.
والحاصل : الحاسم أنّ الوثاقة بمعنى الصدق ـ على ما سبق ـ وليس يعقل أن يكون لهم نظر خاصّ فيه ، بحيث يرى أحد هؤلآء صدق أحد ولا يراه كذلك ، غيرهم من الرجاليّين.
وسيأتي في كلام سيّدنا الأستاذ الحكيم رحمهالله توجيه آخر لهذا الوجه.
فالصحيح : عدم الاعتماد على نقل الشّيخ في حقّ هؤلآء المشائخ الثّلاثة.
وأمّا جواب السؤال الثاني ، ففي التهذيب (١) بعد نقل مرسلة ابن أبي عمير : فأوّل ما فيه أنّه مرسل ، وما هذا سبيله لا يعارض به الإخبار المسندة.
وهكذا عن الاستبصار.
والجواب أنّ هذا لا يناقض ما ذكره بعد ذلك في العدّة فإنّ التهذيب مقدّم تأليفا على العدّة ، فهو عدول عن الرأي ، وهذا واضح يقبح إنكاره.
فإنّ قلت :
إنّ الشّيخ لم يذكر في التهذيبين عدم حجيّة المرسلتين مطلقا ، بل في حال التعارض وباب التعارض ، له حكم خاص؟
__________________
(١) التهذيب : ٨ / ٣٦٠ ، ح ١٦٤ ، طبعة مكتبة الصدوق ، وفي نسخة اخرى : ٢٣٣ ، ح : ٩٣٢.