ثمّ قال صاحب القاموس :
|
نعم ، يمكن القول إذا تعارض خبران رواة أحدهما مصرّح بتوثيقهم ، ورواة الآخر مهملون يرجح الأوّل عليه ... (١) ثمّ قال : هذا هو طريق القدماء ، وقد أحدث الطريقة الحادثة العلّامة ، والظاهر أنّ الأصل فيها شيخه في الرجال أحمد بن طاووس ، حيث إنّه يطعن في كثير من أخبار الكشّي بعدم ذكر من في طريقه في الرجال ، ولم نقف على كتبه في الفقه فلعلّه عبر بمصطلحات : الصحيح ، والحسن ، والقوي ، والضعيف ، كالعلّامة. |
وأمّا المحقّق وإن احتمل بعض أنّه الأصل إلّا أنّ الّذي يفهم من معتبره أنّ طريقته قريبة من القدماء. (٢)
وبالجملة : طريقة القدماء أوّلا التّرجيح بالقرينة من دليل العقل ، أو النقل من : الكتاب والسنّة والإجماع الشّامل للشهرة المحققة ، وفي ما ليس قرينة ، العمل بالصحيح ، والحسن والمهمل.
وأمّا الموثق ، فلا يعملون به إلّا إذا لم يعارضه خبر إمامي ولو من المهمل (٣) ، ولم يكن فتواهم بخلافه ، انتهى كلامه.
أقول : هنا مباحث :
|
١. إنّ من يرى العدالة عبارة عن الإيمان أو الإسلام وعدم ظهور الفسق ، يمكن له أن يعمل بخبر رواته مهملون إذا ثبت لديه إيمانهم أو إسلامهم ، بأن يفسّر المهمل بمن لم يرد فيه قدح ، كما يظهر من هذا الفاضل في أوّل كلامه هنا ، وفي ترجمة أحمد بن رباح بن أبي نصر السكوني وغيره ، ويمكن أن يستدلّ للقول المذكور بأنّ المراد بالفاسق في آية النبأ من علم فسقه ، والمجهول داخل في مفهوم الآية ، فلا يجب التبيّن في خبره ، وهو كما ترى أو ينفي الفسق بالأصل ، ويكتفي به في قبول الخبر ، وقد مرّ ضعفه. وهذا الفاضل لم يذكر لمختاره ، ومختار ابن داود وجها ودليلا سوى الإجماع المنقول على وجه ، وكونه طريق القدماء. والأظهر أنّ العدالة ليست مجرّد الإسلام أو الإيمان مع عدم ظهور الفسق ، كما قررّ في محلّه ونسبته إلى جميع القدماء غير معلومة ، ولعلّها مظنونة العدم ، وإن نسلّم تفسير العدالة بالإيمان وعدم ظهور الفسق لا نسلّم حجيّة قول العادل |
__________________
(١) المصدر : ٢٧.
(٢) مرّ كلام المحقّق في البحث السّابق ونقله صاحب المعالم : ٢٠٨.
(٣) وقول الشّيخ في العدّة : فإن كان هناك بالطريق الموثوق به الخ ، كما يأتي في أوّل البحث الآتي يبطل هذا الاستظهار ، فلاحظ.