٨. قوله فيما لم يكن عندهم خلافه.
أقول : هذا إمّا من اجتهاد الشّيخ رحمهالله أو نقل عمل الطائفة ، وعلى التّقديرين لا نقبله ؛ لما مرّ من عدم كون الأوثقيّة من المرجحات السندية عندنا ، فغاية كلامه على تقدير الاحتمال الثّاني أنه إجماع منقول ، كما أنا لا نقبل منه تسوية الطائفة بين المراسيل والمسانيد ؛ إذ أولا أنه اجتهاد من الشّيخ استنبطه ـ ظاهرا ـ من نقل الكشّي إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عن جمع ، والحال أنّه لا يدلّ على مراد الشّيخ.
وثانيا : إنّ الشّيخ نفسه لم يلتزم بهذا الكلام في كتابي الإخبار ، فقد ذكر في باب العتق وأحكامه رواية ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن زرارة عن الباقر عليهالسلام ، ثمّ قال : فأول ما فيه أنّه مرسل وما هذا سبيله لا يتعارض به الإخبار المسندة. (١)
وقد تقدّم هذا الموضوع في البحث السادس والثلاثين.
وثالثا : إنّه إجماع منقول غير حجّة.
فإنّ قلت : كيف تقبل عمل الطائفة بروايات هؤلآء الدّال على توثيقهم ، فإنّه أيضا إجماع منقول؟
قلت : لو وثقهم الشّيخ وحده لكان توثيقه حجّة ، ونقل عمل الطائفة لا يقل عن توثيق الشّيخ نفسه ، ففرق بين التّوثيق وغيره من المسائل الاجتهاديّة فافهم جيّدا.
وممّا يدلّ على أنّ فهم تسوية الطائفة اجتهاد من الشّيخ ، قوله في الأخير ، فإنّ الطائفة كما عملت بالمسانيد عملت بالمراسيل.
فالمسلّم من الطائفة عملهم بالمراسيل في الجملة ، وأمّا وجه عملهم فهو غير منصوص ، وما ذكره الشّيخ فهو اجتهاد منه منشأه كلام الكشّي ، والله العالم.
١٠. ما أفاد من ردّ روايات الغلاة بقول مطلق ، حتّى وإن كانوا ثقات مبني ظاهرا على اعتبار الإسلام في الرّاوي ، وحيث إنّ الغالي غير مسلم لم يجز الاعتماد على روايته مطلقا.
__________________
(١) التهذيب : ٨ / ٢٥٦ ؛ الاستبصار : ٤ / ٢٦. إلّا أن يقال : إنّ الشّيخ رجع عن نظره الثابت حين تأليف التهذيبين فيما بعد ، فلا تناقض في البين ؛ إذ الظاهر تقدّمهما على كتاب العدّة بحسب الزمان ، والعدول من الرأي شائع.