يوجب تجويز ارتشائه من المرسل إليه وتغييره الرسالة ، أو الجواب ، نعم ، ربّما يقتضي الحكمة خلاف هذا الأصل ، وهو غير ضائر في إصالة العدالة في الرسول.
وجوابه إنّ الإرسال المذكور إنّما يقتضي الاطمئنان بصدق المرسل في أداء رسالته ، وإن لم يكن ثقة فيما يرجع إلى ساير أعماله ومعاملاته ، بل وفي أقواله في غير مورد الرسالة.
٤. توليّة المعصوم أحدا على الوقف ، أو الحقوق الماليّة ، فإنّها لا تعقل إلّا للعدل الثقة.
ويردّه أنّ التوليّة دليل على وثاقة المتولي في الأموال دون الأقوال ومطلق الأفعال فلا تكفي لحجيّة الأخبار ؛ إذ من المحسوس اختلاف وثاقة الأشخاص في الجهات والأحوال.
٥. اتّخاذ الإمام أحدا وكيلا أو خادما أو ملازما أو كاتبا ، فإنّه منه عليهالسلام تعديل له ضرورة استلزام إرجاع شيء من ذلك إلى غير العدل مفاسد عظيمة.
أقول : إنّه إفراط في القول ، والانصاف إنّ الاتّخاذ المذكور بمجرّده لا يدلّ على الحسن ، فضلا عن العدالة ، إلّا إذا كان متعلّق الوكالة ، أو غيرها مشروطا بالعدالة أو الصدق ولو عرفا.
٦. شيخوخة الإجازة فإنّ جمعا من علماء الفن جعلوا مشائخ الإجازة أغنياء من التوثيق.
وفيه : إنّه مع اشتهاره لا يرجع إلى أساس صحيح ؛ إذ كم من ثقة روي عن ضعيف ، أو ضعفاء ، فكيف يكون شيخ الإجازة لازم الوثاقة؟ ولا فرق في ذلك كلّه بين مشائخ الصدوق رحمهالله وغيرهم.
والحاصل : أنّ الرّاوي قد يروي الرّواية لوجودها في كتاب قد أجازه شيخه أن يروي ذلك الكتاب عنه من غير سماع ولا قراءة ، فلا امتياز لشيخ الإجازة على الشّيخ القارئ ، أو الشيخ المستمع ، وإنّما فائدة الإجازة هي صحّة الحكاية عن الشيخ فحسب ، وسنرجع إليه في البحث الرابع عشر.
وهنا أمر آخر وهو إنّ جهالة شيخ الإجازة ربّما لا تضرّ بصحّة السند والمتن ، إن كان الكتاب المجاز مشهورا مأمونا في عصر المجاز له.
٧. شهادة أحد مع الإمام عليهالسلام في كربلاء ، فإنّها من أقوى البراهين وأعدل الشّهود على وثاقته ، ضرورة أنّ العدالة هي الملكة الباعثة على الإتيان بالواجبات وترك المحرّمات ، وأيّ ملكة أقوى من الملكة الداعية إلى الجود بالنفس إلى آخر ما ذكره الفاضل المامقاني رحمهالله. (١)
__________________
(١) أنظر : تنقيح المقال ، ١ / ٢١١.