وعلى هذا يظهر إنّ ما سلكه المحدّث النّوري وغيره من تصحيح أسانيد روايات التهذيب الضعيفة بطرق النجّاشي في فهرسه ضعيف جدّا ، وقد أتعب نفسه في ذلك في خاتمة المستدرك.
وكذا يضعف ما ذكره غيره من المحدّثين وغيرهم ممّن تصدّوا لتصحيح أسانيد الأحاديث بكل رطب ويابس ، وقالوا بكفاية سند النجّاشي إذا صحّ لرواية التهذيب الضعيفة سندا ، بدعوي أنّ مشائخ الشّيخ والنجّاشي غالبا غير متعددين.
والعجب أنّه ممّن اختار هذا المنهاج هو سيّدنا الأستاذ المحقّق البصير بعلم الرجال في مقدّمة معجم رجاله ، وسيأتي في البحث الآتي نقل كلامه الشّريف مع جوابه ، كما سيأتي قول السّيد البروجردي رحمهالله بأنّ الفهرست لم توضع لإخراج روايات التهذيبين من الإرسال ، إن شاء الله تعالى.
فالأظهر أن يقال : إنّ الأصل في أسانيد الفهرست هو الإخبار بأسامي الكتب ، وأنّها من تأليف فلان وفلان.
وإثبات الإجازة فضلا عن الرّواية بالسماع والقراءة ومناولة النسخة ، كلّها محتاج إلى
__________________
يذكرون الكتاب المنسوب إلى علي بن الحسن بن فضّال المعروف بأصفياء أمير المؤمنين عليهالسلام ويقولون إنّه موضوع عليه ... ولم نر أحدا ممّن روي عن هذين الرجلين يقول قرأته على الشّيخ ، غير أنّه يضاف إلى كلّ رجل منهما بالإجازة فحسب ...
وفي ترجمة علي بن محمّد بن يوسف بن مهجور ... ثقة سمع الحديث فأكثر ، إبتعت أكثر كتبه ... أخبرنا عنه عدّة من أصحابنا.
وقريب منه ما قاله في ترجمة علي بن عبد الرحمن بن عيسى ، ويظهر من كلامه الأوّل الفرق المهمّ بين القراءة والإجازة فلا تغفل. ويفهم من كلامه الثّاني ان الكتب لم تصل إليه بالسلسلة المعنونة بل من الأسواق والبائعين. أقول وربّما من المتبرّعين أو من المعيرين ، وعليه يحمل قوله في أوّل فهرسه : وقد جمعت من ذلك ما استطعته ، ولم أبلغ غايته لعدم أكثر الكتب ...
وقوله في أوّل الجزأ الثّاني منه : من كتاب فهرست أسماء مصنّفي الشّيعة وما أدركناه من مصنّفاتهم ... وما قيل في كلّ رجل منهم من مدح أو ذم.
فإنّ الظاهر من كلاميه ـ وإن لم يكن نصّهما ـ أنّ الكتب الّتي أسماها في فهرسه كانت موجودة عنده فإنّ قوله :
لعدم أكثر الكتب ، قرينة على أنّ المراد بجمع الكتب ، هو الجمع خارجا لا ذكرا ، كما أنّ الظاهر من إدراك المصنّفات إدراك وجودها دون أسمائها.
وإذا كان هذا الظاهر مطابقا للواقع ، فليس المراد وصول الكتب إليه بالأسانيد مناولة ، بل بما عرفت بالبيع وغيره.