الأحاديث الأربعة كانت في كتاب الطاطري ، وكان موسى بن القاسم راويا لها ولجميع كتاب الطاطري عنه ، فحكم بأنّ الشّيخ روي كتاب الطاطري بسند صحيح ؛ ولذلك حكم بصحّة كلّ حديث بدأ الشّيخ في سنده بالطاطري.
ثمّ قال في ردّه : وهذا الاستنباط ضعيف ، إذ كما يحتمل ذلك ، يحتمل أنّه كانت هذه الرّوايات مأخوذة من كتاب درست ، ويؤيّده ما في الفهرست في ترجمة درست : من أنّ له كتابا رواه الطاطري.
ومن كتاب محمّد بن أبي حمزة ، أو من فوقهما ، وروي موسى بن القاسم ذلك الكتاب عن الطاطري عن درست ، أو من فوقهما ، ولم تكن تلك الرّوايات مذكورة في كتاب الطاطري أصلا ؛ إذ ليس كلّ من روى كتاب شيخ يلزم أن يذكر أخبار كتاب ذلك الشّيخ في كتاب نفسه ...
أقول : ما أفاده سيّدنا البروجردي متين ، لا مناص عنه.
ثمّ إنّ هنا بحثا آخرا ، وهو أنّ الشّيخ هل نقل كلّ روايات التهذيبين عن كتب وأصول من بدأ باسمه في رواياتهما ، أم هنا تفصيل؟
قال السّيد السيستاني (طال عمره) في محكي شرحه على مشيخة التهذيب ، كما في حاشية كتابه قاعدة لا ضرر ولا ضرار ، الّذي كتبه ابنه (دام توفيقه): (١)
إنّه ربّما يتصوّر ـ ولعلّه هو التصوّر السائد ـ أنّ جميع من يكون للشيخ طرق إليهم في المشيخة ، إنّما يروي الأحاديث المبدوءة بأسمائهم في التهذيبين من كتبهم مباشرة ، ولعلّ الأصل في هذا التصوّر هو عبارة الشّيخ نفسه في مقدّمة المشيخة ، ولكن هذا غير صحيح ، بل التحقيق أنّ رجال المشيخة على ثلاثة أقسام :
١. من أخذ الشّيخ جميع ما ابتدأ فيه باسمه من كتابه مباشرة ، وهم أكثر رجال المشيخة ...
٢. من أخذ الشّيخ جميع ما ابتدأ فيه باسمه من كتابه مع الواسطة ، وهو بعض مشايخ الكليني (٢) ومشائخ مشايخه ، كالحسين بن محمّد الأشعري ، وسهل بن زياد ، فهؤلاء إنّما
__________________
(١) انظر : الهامش قاعدة لا ضرر ولا ضرار : ١٤ و ١٥.
(٢) وقال السّيد أيضا : إنّ الشّيخ لم يذكر محمّد بن يحيى في فهرسته ، بل ذكره في رجاله ، ولكن النجّاشي عنونه ، وقال : له كتب منها كتاب مقتل الحسين وكتاب النوادر. فيستظهر من ذلك إنّ كتب محمّد بن يحيى لم تصل إلى الشّيخ قدّس سره لينقل منها مباشرة ، وإلّا فكيف لا يذكرها في الفهرست ، مع أنّ غايته فيه الاستيفاء قدر الإمكان ، كما يعلم من مقدمته. انظر : المصدر : ٢٠١.