غيره ، وأقوى منه الفصل البعيد بين الكليني وبين ابن بزيع ، (١) فأمره دائر بين البرمكي الّذي وثقة النجّاشي وضعّفه ابن الغضائري ، وبين النيسابوري المجهول ، كما هو الظاهر.
وكلّ ما قيل في اعتبار رواية النيسابوري غير قوي ، فالحقّ هو التوقف عن قبول الرّوايات الّتي فيه محمّد بن إسماعيل هذا.
ثمّ أنّي وقفت عند إعداد الكتاب للطبعة الرابعة على كلام جديد لسيّدنا الأستاذ الخوئي رحمهالله ، حيث قال : إنّ روايات الكليني رحمهالله عن الفضل بن شاذان في الأغلب لا تكون منحصرة بطريق محمّد بن إسماعيل ، بل يذكر كثيرا منضّما إليه : علي بن إبراهيم عن أبيه. وفي بعض الموارد مكان علي بن إبراهيم شخص آخر ، مثل : محمّد بن عبد الجبار أو محمّد بن الحسين وغيرهما ، وقد أحصينا هذه الموارد ، فبلغت أكثر من ثلاثمائة مورد.
ومن جهة أخرى أنّ الشّيخ رحمهالله ذكر في المشيخة طريقه إلى روايات الفضل ، فروي عن مشائخه عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل.
وبعض الرّوايات المذكورة في التهذيبين عن الفضل نفس الرّوايات ، الّتي ذكرها الكليني رحمهالله بطريق واحد يعني عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل.
فيظهر من ذلك أنّ للكليني أكثر من طريق واحد إلى روايات الفضل ، وإنّما اكتفي بواحد منها في بعض الموارد اختصارا ، أو لغير ذلك ، وبهاتين الجهتين تصبح روايات الكليني عن محمّد بن إسماعيل معتبرة. (٢)
أقول : هذا الاستدلال ضعيف ، والمتيقن أنّ للكليني طريقان إلى جملة من روايات الفضل دون جميعها ، والقول : بأنّ الطريق الصحيح ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ـ طريق إلى جميع روايات الفضل بشهادة المشيخة ؛ ضعيف ، فإنّ الشّيخ قال فيها : ومن جملة ما ذكرته عن الفضل بن شاذان ما رويته بهذا الأسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ... (٣) فالطريق ليس طريقا إلى جميع ما رواه الشّيخ عن الفضل في التهذيب ، فضلا عن كونه طريقا إلى جميع روايات الفضل ، بل إلى جملة منه ، نعم ، سائر طرقه في المشيخة عامّة ، كما سيأتي على أنّه قد تقدّم عن السّيد السيستاني إنّ مثل هذا الطّريق ، وأمثاله ليس طريقا مستقلا
__________________
(١) خاتمة تنقيح المقال : ٣ / ٩٦.
(٢) معجم الرجال : ١٦ / ٩٩.
(٣) عرفت المراد الحقّ في هذه العبارة سابقا.