وقال في الفهرست (١) : حميد بن زياد ... ثقة كثير التصانيف ... أخبرنا برواياته كلّها وكتبه ... (ذكر الطريق الثاني) وأخبرنا أيضا عدّة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة عنه ، وأخبرنا أيضا أحمد بن عبدون ، عن أبي القاسم علي بن حبشي بن قوني بن محمّد الكاتب ، عن حميد.
وفي رجال النجّاشي (٢) : كان ثقة واقفا وجها فيهم ، فالرجل موثق.
وقول العلّامة رحمهالله فالوجه عندي قبول روايته إذا خلت عن المعارض ، مبني على ترجيح رواية الأوثق على الثّقة ، ورواية الثّقة على الموثق عند التعارض ، أو قصر حجيّة روايات غير الإمامي على صورة عدم تعارضها مع روايات الإماميّة.
وكلا الوجهين لا يمكن اتمامهما بدليل.
ثمّ إنّ الطريق الأوّل بأسانيده قد اتّضح حاله ؛ وأمّا الطريق الثّاني ، ففي أبي طالب الأنباري ، وهو عبد الله بن أبي زيد كلام طويل ضعفه الشّيخ الطوسي قدّس سره ، ووثقه النجّاشي وغيره ، ويشكل الاعتماد على رواياته ، وابن عبدون مجهول ، فالطريق الثّاني ضعيف.
ومثله الطّريق الثالث : فإنّ أبا المفضل قد مرّ ضعفه ، ومحمّد بن جعفر بن بطّة أيضا لا يعتمد عليه لشهادة ابن الوليد عليه فلاحظ ؛ وأمّا العدّة من أصحابنا ، ففيها المفيد رحمهالله ظاهرا مع أنّه لا يحتمل ضعف جميعهم ، بل نطمئن بصدق إخبارهم ، ولو بصدق بعضهم ، وقد أشير إليه فيما مضى أيضا.
والطريق الرابع أيضا ضعيف ، فإنّ علي بن حبشي ، مثل : ابن عبدون مجهول.
والعمدة في اعتبار روايات الشّيخ عنه ، هو الطريق الأوّل.
قال قدّس سره : ومن جملة ما ذكرته عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، ما رويته بهذه الأسانيد عن محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد عيسى.
أقول : أحمد بن محمّد عيسى ثقة بتوثيق الشّيخ في رجاله ، والطريق أيضا معتبر ، لكن هذا المقدار غير مفيد ؛ لأنّ نحكم بصحّة جميع الرّوايات الّتي رواها الشّيخ عنه ؛ إذ ليس جميعها مرويّة بهذه الأسانيد الثّلاثة ، بل من جملة ما ذكره عنه ما يكون بها. (٣)
__________________
(١) الفهرست : ٨٥.
(٢) رجال النجاشي : ١٠٢.
(٣) واستظهر من عبارة العلّامة عدم الفرق بين قول الشّيخ : (ومن جملة ما ذكرنا) ، وبين قوله : (وما ذكرته) ، وهو ضعيف جدّا ، فإنّ الأوّل يدلّ على الموجبة الجزئيّة ، والثّاني مطلق يفيد الموجبة الكلّيّة. لكن حقّ مراد الشيخ ما عرفت منّا سابقا.