سابعها : الوصيّة ، وهي أن يوصي الشّيخ عند موته ، أو سفره لشخص بكتاب يرويه عنه.
أقول : وفي رجال الكشّي إنّ علي بن النعمان وداود بن النعمان أوصيا بكتبهما لمحمّد بن إسماعيل بن بزيع.
ثامنها : الوجادة (١) ، وهي أن يجد الشّخص كتابا أو حديثا بخط مؤلّفه أو راويه غير معاصر له كان ، أو معاصرا لم يلقه أو لقاه ، ولكن لم يسمع منه الواجد ، ولا له منه إجازة ، فله أن يقول وجدت أو قرأت بخطّ فلان أو في كتاب فلان بخطه حدثنا فلان ويسوق باقي الأسناد والمتن ، أو يقول وجدت بخط فلان عن فلان الخ.
قالوا : هذا الّذي استمرّ عليه العمل قديما وحديثا ، وهو منقطع مرسل ، ولكن فيه شوب اتّصال لقوله وجدت بخطّ فلان. (٢)
وربّما دلّس بعضهم فذكر الّذي وجد بخطّه ، وقال فيه عن أو قال فلان ؛ وذلك تدلّيس قبيح إن أوهم سماعه ، وأمّا القول بحدثنا أو أخبرنا فقيل إنّه غلط منكر لم يجوّزه أحد ممّن يعتمد عليه.
ثمّ إنّه قد نفي بعضهم الخلاف في منع الرّواية بالوجادة المجرّدة ، لفقد الإخبار فيها الّذي هو المدار في صحّة الرّواية عن شخص ؛ وأمّا جواز العمل بالوجادة الموثوق بها ، فقد اختلفوا فيه ، الأظهر هو الأوّل.
أقول : نقلنا أكثر ما في هذا البحث مع الاختصار ومع التغيير الجزئي من مقباس الهداية للعلّامة المامقاني رحمهالله حتّى نوقف مراجعي كتابنا على بعض مطالب علم الدراية ومصطلحاته ، وإن شاء التفصيل والاستيفاء ، فليراجع كتب هذا العلم ، والله المستعان. (٣)
__________________
(١) وهي : بكسر الواو ، مصدر : وجد يجد ، مولّد غير مسموع من العرب الموثوق بعربيتهم. والعرب قد فرقّوا بين مصادر وجد للتمييز بين المعاني المختلفة ، قالوا : وجد ضالته وجدانا ـ بكسر الواو وإجدانا بكسر الهمزة ، ووجد مطلوبه وجودا ، وفي الغضب موجودة وجدة ، وفي الغناء وجدا مثلث الواو وجدة ـ وقرأ بالثلاثة قوله تعالى : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) وفي الحبّ وجدا.
فلمّا رأي المولّدون مصادر هذا الفعل مختلفة بسبب اختلاف المعاني ، ولدوا لهذا المعنى الوجادة للتمييز.
(٢) وفي مثل أعصارنا حيث وجدت المطابع بطل شوب الاتّصال ، فالخبر مرسل إن لم تكن نسبة الكتاب إلى مؤلّفه متواترة ، كالكتب الأربعة ونحوها.
(٣) ولاحظ : بحار الأنوار : ٢ / ١٦٥ ـ ١٦٧ ، أيضا.