وهذه العشرون حديثا هي الّتي نراها في كتاب قرب الإسناد (١) رواه عبد الله بن جعفر الحميري عن محمّد بن عيسى بن عبيد والحسن بن ظريف ، وعلي بن إسماعيل ، كلّهم عن حمّاد بن عيسى الجهني ، وليس فيها هذه الرّواية.
فلا بدّ أن تكون هي موضوعة.
ومنها إنّ حمادا مات سنة ٢٠٩ ه وله نيف وسبعون سنة ، كما في رجال الكشّي ، فيكون مولده حوالي سنة ١٣٥ ه.
ولم يكن له حين وفاة الصّادق عليهالسلام سنة ١٤٨ ه إلّا ثلاثة عشر سنة أو نحوها ، فكيف يقول الصّادق عليهالسلام لمثل هذا الغلام : «ما أقبح بالرجل أن يأتي عليه ستّون سنة أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة»؟
ومنها إنّ الإمام عليهالسلام لم يستحسن صلاة حمّاد الّتي صلّاها على ما حفظه من كتاب حريز مع أنّ المراجعة إلى أحاديث حريز تعطي إنّ نفس تلك الآداب الّتي فعلها الإمام عليهالسلام في صلاته تعليما لحمّاد مذكورة فيها ، بل وأحسن منها وأتمّ ، وأوفي ، فكيف ردّ الإمام صلاة حمّاد المشتملة عليها؟
والغرض من هذه : الإيرادات تضعيف سيرة المتأخّرين في حجيّة الإخبار الآحاد المرويّة بأسانيد معتبرة.
أقول : أمّا الوجه الأوّل ، فما نقله النجّاشي عن حمّاد من الاقتصار على رواية عشرين حديثا ، مرسل غير معتبر ، نعم ، نقل الكشّي برقم : ٥٧١ عن محمّد بن عيسى عنه : سمعت أنا وعباد بن صهيب البصري من أبي عبد الله عليهالسلام فحفظ عباد مائتي حديث. وقد كان يحدّث بها عنه عباد وحفظت أنا سبعين (حديثا) ، قال حماد : فلم أزل أشكّك نفسي حتّى اقتصرت على هذه العشرين حديثا الّتي لم تدخلني فيها الشّكوك ، ولا يمكن أن يكون صدور هذا الكلام منه في حياة الصّادق عليهالسلام بل بعد وفاته جزما ؛ لأنّ محمّد بن عيسى الناقل لكلام حمّاد لم يدرك حياة الصّادق عليهالسلام.
وعلى كلّ لا يظهر من هذه الرّواية إنّ حمادا لم يحدّث عن أبي عبد الله عليهالسلام أكثر من عشرين حديثا ؛ إذ يمكن إخباره بكلّ السبعين قبل حصول الشّك فيها ، وإن شئت ، فقل : إنّ
__________________
(١) انظر : قرب الإسناد : ١٢ / ١٥ ، طبعة النجف.