يتعلّم واجباته في شبابه وفراغه تكون صلواته إلى آخر عمره باطلة ، أو غير تامّة. وكأنّه من تسهيل الأمر على حمّاد ، حيث وبخه من غير مباشرة.
وأمّا الوجه الثالث ، فهذا القائل لم يبيّن ولم يدلّل على مدّعاه بأنّ حمّادا صلّى بجميع ما ذكر في أحاديث حريز الواردة في الصلاة ، ولا يدرى كم كان عمر حمّاد في ذاك اليوم ، يوم سؤال الإمام عن صلاته؟ فكم فرق بين حفظ كتاب حريز وبين تطبيقه على الأعمال اليومية؟ ونحن نرى كثيرا من المحصّلين اليوم يدرّسون شرح اللمعة ، ولا أثر لما فيه على عملهم فضلا عن المتعلّمين.
والحاصل : أنّ هذه الوجوه غير تامّة في نفسها أوّلا ، ولا تعلّق لها بضعف سيرة المتأخّرين وصحّة سيرة المتقدّمين بوجه ، فكأن كلامه قعقعة ، والله العاصم.
نكتة : وقفت على كتابين عند إعداد كتابي هذا للطبعة الرابعة ، وهما كتاب معرفة الحديث ، وكتاب أصول علم الرجال :
الأوّل : يقرب من الكلمات المنسوبة إلى ابن الغضائري في كثرة الجرح ، والحكم بوضع الإخبار ، كما عرفت نموذجا منه في هذا البحث.
والثّاني : يقرب من مستدرك النوري في التّوثيق وتصحيح الرّوايات ، وكلاهما خارجان من حدّ الاعتدال ، وبينهما متوسّطات من الكتب والمسالك الرجاليّة ، ولعلّ الغالب على الرجاليّين حتّى غير الإخباريّين هو الميل إلى الخط الثّاني ، على اختلاف منهم في هذا السلوك شدّة وضعفا ، ولا يزالون مختلفين.