واعلم : أنّ نسبة هذه الكتب وأمثالها إلى مؤلّفيها الثقات ، وبالتالي تصحيح أحاديثها المروية فيها بأسانيد صحيحة وحسنة وموثقة تحرّز حسب النظر السائد في هذه الأعصار ، بصحّة إسناد الشّيخ الطوسي رحمهالله إلى المؤلّفين المذكورين في مشيخة التهذيبين أو الفهرست ، إذا كانوا قبل زمان الشّيخ وبصحّة أسناد العلّامة ونظرائه ، والمجلسي والحرّ العاملي ، مثلا إلى الشّيخ وأقرانه رحمهالله.
وبذلك يحكم باعتبار الرّوايات المنقولة في بحار الأنوار ووسائل الشّيعة إذا أحرزت وثاقة رواتها أو حسنهم.
لكن هذا لا يكفي للحكم باعتبار روايات الكتاب المرويّة بأسانيدها معتبرة ، بل لا بدّ من إحراز وصول نسخة الكتاب إلى المتأخّرين كالعلّامة والمجلسي أو الحر العاملي وغيرهم رحمهالله بسند معتبر حتّى يحصل الأمن من الدسّ والجعل والتزوير في روايات الكتاب ، فإنّ الطباعة الرائجة اليوم لم تحدث في تلك الأزمان ، ونسخ الكتب كلّها كانت مخطوطة باليد ، يمكن فيها الزيادة والنقيصة بسهولة فمجرّد صحّة طريق الشّيخ مثلا إلى صاحب كتاب ، وصحّة سند المجلسي وغيره من طريق الإجازات إلى الشّيخ أمر ، ووصول نسخة الكتاب إليه بسند معتبر أمر آخر ، ولا ملازمة بينهما.
ولا شكّ أنّ أكثر أسانيد الشّيخ في الفهرست والإجازات الصادرة من العلماء بعد الشّيخ خالية عن مناولة النسخ ، كما عرفته من البحث الرابع والأربعين فيما سبق.
والغفلة عن هذا الأمر أوجب إدخال الرّوايات الكثيرة المجهولة في حريم الأحاديث المعتبرة.
ينقل هشام بن الحكم عن الصّادق عليهالسلام في حديث :
|
لا تقبلوا علينا حديثا إلّا ما وافق القرآن والسّنة ، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة ، فإنّ المغيرة بن سعيد ـ لعنه الله ـ دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي ... |
قال يونس : وافيت العراق ... وأخذت كتبهم ـ أي : كتب أصحاب الباقرين صلىاللهعليهوآله ـ فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، فأنّكر منها أحاديث كثيرة أن يكون من أحاديث أبي عبد الله عليهالسلام ، وقال لي : «إنّ أبا الخطّاب كذّب على أبي عبد الله عليهالسلام ، لعن الله أبا الخطّاب! وكذلك أصحاب أبي الخطّاب! يدّسون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله عليهالسلام ، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن ...»