وكتاب الهداية أيضا مشهور ، ولكن ليس بهذه المثابة ، ولقد يسّر الله لنا منها (١) كتبا عتيقة مصحّحة ، ككتاب الأمالي ، فإنّا وجدنا منه نسخة مصحّحة معرّبة مكتوبة في قريب من عصر المؤلّف ، وكان مقروءا على كثير من المشائخ ، وكان عليه إجازاتهم.
وكذا كتاب الخصال عرضناه على نسختين قديمتين كان على إحداهما إجازه الشّيخ مقداد. وكذا كتاب إكمال الدّين استنسخناه من كتاب عتيق كان تاريخ كتابتها قريبا من زمان التأليف.
وكذا كتاب عيون أخبار الرضا ، فإنّا صحّحنا الجزء الأوّل منه من كتاب مصحّح كان يقال : إنّه بخطّ الكلمات مصنف رحمهالله ، وظنيّ أنّه لم يكن بخطّه ، ولكن كان عليه خطه وتصحيحه ، انتهى.
أقول : هذه الكلمات أكبر شاهد صادق على خلوّ الإجازات من المناولة ، كما ذكرنا سابقا ، ثمّ إنّ ما ذكره المجلسي من اشتهار كتب الصدوق كالكتب الأربعة مطابق للاعتبار العقلائي ، فلا يبعد الاعتماد على ما نقلنا من كتب الصدوق الثمانية بتوسط بحار الأنوار وغيره في كتابنا معجم الأحاديث المعتبرة ، والله أعلم.
ويزيد في الاعتماد قول المحدّث الحرّ في خاتمة وسائله ، الفائدة السادسة ، ومصنّفات الصدوق ، وأكثر الكتب الّتي ذكرناها ونقلنا منها ، معلوم النسبة إلى مؤلّفيها بالتواتر ، وهي إلى الآن في غاية الشّهرة. (٢)
بل زاد : وأكثرها ـ أي الكتب الّتي نقل منها في وسائله ـ لا يقصر في الشّهرة والتواتر عن الكتب الأربعة المذكورة أوّلا ، بل التحقيق والتأمّل يقتضي تواتر الجميع ـ المصدر ـ فإذا فرض ثبوت التواتر بخبر الثّقة فهذه الشّهادة تنفع لجميع مصادر كتابنا ، فتامل جيّدا ، إلّا إنّ يقال : إنّ تواتر كتاب في الجملة ، لا يغني عن احتياج نسخة واصلة منه إلى الحرّ العاملي وغيره إلى سند معتبر حتّى يزول احتمال الزيادة والنقيصة فيها.
وقد جرى عليه عمل الحرّ نفسه كما يظهر من خطّه المنقول سابقا في الفصل الثالث ، وجرى عليه عمل غيره من القدماء والمتأخّرين في الاحتياط التامّ في هذا المقام ، فلا ينبغي الاعتماد على تصحيح جميع المصادر بهذا الكلام ، بل يمكن الإشكال في دعوى تواتر جميع الكتب الّتي نقل عنها الحرّ العالمي في وسائله ثبوتا ، كما يظهر للمتأمّل في كلماتهم.
__________________
(١) أي من كتب الصدوق.
(٢) خاتمة المستدرك : ٣ / ٢١٧ ، الطبعة الأخيرة.