لكن المحدّث النوري رحمهالله فهم منه توثيق الّذين روي عنهم ابن قولويه بلا واسطة ، أي : خصوص مشائخه. (١)
أقول : ويمكن أن نستدلّ على قول النوري بوجهين :
الأوّل : قوله المعروفين بالرّواية المشهورين بالحديث والعلم ؛ إذ من الظاهر أنّ جميع رواة روايات كتابه ليسوا بمعروفين في الرّواية ولا مشهورين بالحديث والعلم ، بل حالهم حال سائر الرّواة ولا أظنّ أنّ ابن قولويه كان معتقدا معروفيتهم وشهرتهم في العلم ، فضلا عن كونهم كذلك في الواقع ونفس الأمر.
أقول : لكن عبارة ابن قولويه لا تدلّ على أنّه لا يروي إلّا عن المعروف بالرّواية ، والمشهور بالحديث والعلم ، بل تحتمل الوجهين المتقدّمين.
الثّاني : وجود المراسيل والضعاف في كتابه في غير مشائخه.
لا يقال : إطلاق توثيقه محكم في غير ما علم بطلانه.
فإنّه يقال : إنّ وجود المراسيل قرينة على اختصاص التّوثيق بالمشائخ وحدهم ، كيف ولا يحتمل عدوله ـ بناء على عموم التوثيق ـ عن مبنائه في أوّل كتابه؟ فقد ذكر في الباب الأوّل في الرّواية الثالثة عن أحمد بن إدريس عمّن ذكره عن محمّد بن سنان عن محمّد بن علي رفعه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ... من هذا الّذي يرويه عنه أحمد بن إدريس ، وكيف علم أنّهم من أصحابنا الثّقات؟
وأمّا محمّد بن سنان فحاله معلوم في الرجال ، ثمّ من هم الّذين توسّطوا بين محمّد بن علي ، وبين النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وفي نفس الباب في الرّواية الرّابعة : عن يحيى وكان خادما لأبي جعفر الثّاني عليهالسلام عن بعض أصحابنا رفعه إلى محمّد بن علي بن الحسين عليهالسلام ... والسّند في غاية الجهالة ، حتّى من بعد يحيى المذكور.
ولا يحتمل عدوله عمّا ذكره أوّلا في هذه الفاصلة القليلة جدّا.
وفي الرّواية التّاسعة من الباب الثّاني : عن محمّد بن سليمان الديلمي ، عن أبي حجر الأسلمي. قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ...
__________________
(١) مستدرك الوسائل : ٣ / ٥٢٣. وهذا الاعتدال من مثله عجيب ، فإنّه أفرط في خاتمة كتابه مستدرك الوسائل في توثيق الرّواة ، وخرج عن الحقّ ، وجانب الإنصاف في اعتبار الرّوايات وتوثيق الرّواة ولا يجوز لطلّاب الحقّ وأرباب الاستنباط أن يغتروا بتوثيقاته وأن يعتمدوا على آرائه ، فإنّ ذلك يبعدهم عن الحقّ بعدا عفي الله عنه وعنّا.
وعلى كلّ أنّ مشائخه يبلغون ٣٢ شخصا ، كما ذكرهم بعض المؤلّفين تفصيلا.