سمع أباه ، وأبا الوليد الطيالسي ، وإبراهيم بن الفضل الذّارع ، وعليّ بن المديني. روى عنه ابنه زهير ، وأبو القاسم البغويّ ، ومحمّد بن جعفر الخرائطي ، ويحيى بن صاعد ، ومحمّد بن مخلد.
وقال ابن أبي حاتم : كتبت عنه بأصبهان وهو صدوق ثقة.
قلت : وكان قد ولى قضاء أصبهان ، وخرج إليها فمات بها.
أخبرني أبو يعلى محمّد بن الحسين بن محمّد الفراء قال : وجدت في كتاب عبد العزيز ـ صاحب الزجاج ـ قال أبو بكر بن أبي صالح العكبري : قدم صالح بن أحمد من طرسوس ، وقد كان ولى القضاء بها ، فكان يجلس ببغداد للفقه ، فجاءت عجوز فقالت : من منكم صالح؟ فدخلت فوقفت به وقالت : صالح كيف أصبحت؟ فرفع رأسه إليها وقال : أيش هذا؟ فقالت له إني لأعرف أباك وهو يخرج ولا شيء على رأسه ، ما رفعه بهذه ـ يعني الطويلة ـ إنما رفعه من فوق.
قال لي أبو يعلى : وذكر أبو بكر الخلّال في كتاب «أدب القضاة» من الجامع قال: أخبرني محمّد بن العبّاس قال : حدّثني محمّد بن عليّ قال : لما صار صالح إلى أصبهان ـ وكنت معه ، أخرجني هو ودخل أصبهان ـ فبدأ بمسجد الجامع فدخله وصلى ركعتين ، واجتمع الناس والشيوخ وجلس ، وقرئ عهده الذي كتب له الخليفة ، جعل يبكي بكاء شديدا حتى غلبه ، فبكى الشيوخ الذين قربوا منه ، فلما فرغ من قراءة العهد جعل المشايخ يدعون له ، ويقولون له ما ببلدنا أحد إلا وهو يحب أبا عبد الله ويميل إليك ، فقال لهم : تدرون ما الذي أبكاني؟ ذكرت أبي أن يراني في مثل هذا الحال ـ وكان عليه السواد ـ قال : كان أبي يبعث خلفي إذا جاءه رجل زاهد ، أو رجل متقشف لأنظر إليه يحب أن أكون مثله ، أفتراني مثله! ولكن الله يعلم ما دخلت في هذا الأمر إلا لدين قد غلبني ، وكثرة عيال أحمد الله. وكان صالح غير مرة إذا انصرف من مجلس الحكم يترك سواده ويقول لي: تراني أموت وأنا على هذا.
أخبرنا عليّ بن أبي علي قال : أنشدنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال : أنشد أبو
__________________
٤٨٥٦ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ١٩٩.