فقال لي : اسمع جواب ما قلت فقلت هات فقال :
كأنك كندب في ذنب كبش |
|
تدلدل هكذا والكبش يمشي |
وأما المرأة فإني كنت مجتازا في بعض الطرقات فإذا أنا بامرأتين ، وكنت راكبا على حمارة ، فضرطت الحمارة ، فقالت إحداهما للأخرى : ذي حمارة الشيخ تضرط. فغاظني قولها ، فأعننت ثم قلت لها : إنه ما حملتني أنثى قط إلا ضرطت ، فضربت بيدها على كتف الأخرى وقالت : كانت أم هذا منه تسعة أشهر في جهد جهيد.
أخبرني الصيمري ، حدثني المرزباني ، أخبرنا أبو بكر الجرجاني ، أخبرنا المبرد ، لأبي (٣) كريمة البصريّ يقول للجاحظ :
لم يظلم الله عمرا حين صيره |
|
من كل شيء ـ سوى آدابه ـ عاري |
بتت حبال وصالي كفه قطعت |
|
لما استعنت به في بعض أوطاري |
فكنت في طلبي من عنده فرجا |
|
كالمستغيث من الرمضاء بالنار |
إني أعيذك ـ والمعتاذ محترس ـ |
|
من شؤم عمرو بعز الخالق الباري |
فإن فعلت فحظ قد ظفرت به |
|
وإن أبيت فقد أعلنت إسراري |
أخبرني الصيمري ، حدّثنا المرزباني ، حدثني أبو بكر الجرجاني ، حدّثنا المبرد ، حدثني الجاحظ قال : وقفت أنا وأبو حرب على قاص ، فأردت الولع به ، فقلت لمن حوله : إنه رجل صالح لا يحب الشهرة فتفرقوا عنه ، فتفرقوا فقال لي : حسيبك الله إذا لم ير الصياد طيرا كيف يمد شبكته.
أخبرني القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا أبو عبد الله النّيسابوريّ قال : سمعت أبا بكر محمّد بن أحمد بن بالويه يقول : سمعت أبا بكر محمّد بن إسحاق يقول : قال لي إبراهيم بن محمود ـ ونحن ببغداد ـ ألا تدخل على عمرو بن بحر الجاحظ؟ فقلت مالي وله؟ فقال إنك إذا انصرفت إلى خراسان سألوك عنه ، فلو دخلت إليه وسمعت كلامه؟ ثم لم يزل بي حتى دخلت عليه يوما ، فقدم إلينا طبقا عليه رطب. فتناولت منه ثلاث رطبات وأمسكت ، ومر فيه إبراهيم ، فأشرت إليه أن يمسك ، فرمقني الجاحظ فقال لي : دعه يا فتى فقد كان عندي في هذه الأيام بعض إخواني ، فقدمت إليه الرطب فامتنع ، فحلفت عليه فأبى إلا أن يبر قسمي بثلاثمائة رطبة.
__________________
(٣) آخر المجلد الثامن من النسخة الصميصاطية ، ويبدأ الجزء التاسع : بذكر من اسمه عامر (ترجمة ٦٦٨٠). وبقية الترجم ابتداء من هنا ناقصة من الجزء الثامن.