باسم تلك الجارية ، فارتحت لندائه ، ووقفت. فقلت : أصابك ما أصاب أخا بني عامر حيث يقول :
وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى |
|
فهيج أحزان الفؤاد وما يدري |
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما |
|
أطار بليلي طائرا كان في صدري |
فقال : اكتب لي هذين البيتين ، فعدلت أطلب ورقة أكتب له البيتين فيها فلم أجد ، فرهنت خاتمي عند بقال ، وأخذت ورقة فكتبتهما فيها ، وأدركته بها فقال لي ارجع إلى منزلك ، فرجعت ونزلت ، فقال لي الخادم أعطني خاتمك أرهنه على قوتك اليوم ، فقلت قد رهنته ، فما أمسيت حتى بعث إلى بثلاثين ألف درهم جائزة ، وعشرة آلاف درهم سلفا لشهرين من رزق أجراه لي.
أخبرني أبو القاسم سلامة بن الحسين الخفّاف المقرئ ، وأبو الطالب عمر بن محمّد ابن عبيد الله المؤدّب قالا : أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ ، حدّثنا الحسين بن إسماعيل ، أخبرنا عبد الله بن أبي سعيد قال : حدثني عبد الله بن الحارث المروزيّ قال : أخبرني هاشم بن نامجور (١) قال : مر الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك بعمرو بن جميل التّميميّ ببلخ ـ وعمرو في مضربه يطعم الناس ـ فلم يقف الفضل ولم يسلم عليه ، فوجد عمرو في نفسه ، فلما نزل الفضل قال : ينبغي لنا أن نعين عمرا على مروءته ، فبعث إليه بألف ألف درهم.
أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ ، حدثني أبي ، حدّثنا محمّد بن الحسن ابن دريد الأزديّ ، أخبرنا الحسن بن خضر ، حدثني أبي عن العتابي قال : اجتمعنا على باب الفضل بن يحيى البرمكي بأرمينية أربعة آلاف رجل ، يطلب كل بأدب ، وشعر ، وكتابة ، وشفاعة ، وكان الزوار يسمون في ذلك العصر السؤال ، فقال الفضل ـ لكرمه ـ سموهم الزوار ، فلزمهم هذا الاسم إلى اليوم.
أخبرنا الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن عمران بن موسى المرزباني ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى المكي ، حدّثنا أحمد بن عمر الأخباري عن جده قال : كان الفضل ابن يحيى عبسا بسرا وكان سخيّا كريما ، وكان أخوه جعفر بن يحيى طلقا بشرا ، وكان بخيلا لا عطاء له، وكان الناس إلى لقاء جعفر أميل منهم إلى لقاء الفضل.
وأخبرنا الجوهريّ ، أخبرنا المرزباني ، حدّثنا أحمد بن أحمد بن عيسى المكي ، حدّثنا محمّد بن القاسم بن خلاد قال : بلغ يحيى بن خالد أن ابنه الفضل وهب
__________________
(١) هكذا في الأصل.