لغلامه الطباخ مائة ألف درهم ، فقال له في ذلك ، فقال الفضل : إن هذا غلام صحبني وأنا لا أملك شيئا ، واجتهد في نصيحتي ، وقد قال الشّاعر :
إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا |
|
من كان يؤنسهم في المنزل الخشن |
أخبرنا أبو القاسم الأزهري وأبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل قالا : أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ الكوفيّ ، أخبرنا أبو بكر الصولي ، حدّثنا أبو الحسن البرذعي قال : حدثني محمّد بن الحسن مصقول عن العتابي قال : كنا بباب الفضل بن يحيى البرمكي أربعة آلاف ، ما بين شاعر ، وزائر ، وفينا فتى يحدثنا ونجتمع إليه ، فبينا هو ذات يوم قاعد إذ أقبل إليه غلام له كأجمل الغلمان ، فقال له : يا مولاي أخرجتني من بين أبوي ، وزعمت أن لك وصلة بالملوك ، فقد صرنا إلى أسوأ ما يكون من الحال. وقال : إن رأيت أن تأذن لي فأنصرف إلى أبوي فعلت. قال فاغرورقت عينا الفتى ثم قال ائتني بدواة وقرطاس ، فأتاه بهما فقعد حجزة ـ يعني ناحية ـ فكتب رقعة ، ثم عاد إلى مجلسه ثم قال للغلام : انصرف إلى وقت رجوعي إليك ، فبينا نحن كذلك إذ جاء رجل يستأذن على الفضل ، فقام إليه الفتى فقال : توصل رقعتي هذه إلى الأمير؟ قال وما في رقعتك؟ قال : أمدح نفسي وأحث الأمير على قبولي ، قال : هذه حاجة لك دون الأمير. فإن رأيت أن تعفيني فعلت ، قال : قد فعلت ، فعاد إلى مجلسه فخرج الحاجب فقام إليه ، فقال له مثل مقالته الأولى ، فاستظرفه الحاجب وقال : إن رجلا يتصل بمثل الفضل يمدح نفسه لا يمدح الفضل عجيب ، فأخذ منه الرقعة ثم دخل فلوحها للفضل ، فقرأ منها سطرين وهو مستلق على فراشه ، ثم استوى قاعدا وتناول الرقعة فقرأها ، فلما فرغ من الرقعة قال للحاجب : أين صاحب الرقعة؟ قال أعز الله الأمير ، لا والله لا أعرفه لكثرة من بالباب ، فقال الفضل : أنا أنبذه لك الساعة يا غلام اصعد القصر فناد أين مادح نفسه؟ فقام الغلام فصاح ، فقام الفتى من بيننا بغير رداء ولا حذاء فلما مثل بين يدي الفضل قال له : أنت القائل ما فيها؟ قال : نعم! قال : أنشدني فأنشأ الفتى يقول :
أنا من بغية الأمير وكنز |
|
من كنوز الأمير ذو أرباح |
كاتب حاسب خطيب بليغ |
|
ناصح زائد على النصاح |
شاعر مفلق أخف من الري |
|
شة مما يكون تحت الجناح |
ثم أروى عن ابن هرمة للن |
|
اس لشعر محبر الإيضاح |