قال : أحسنت والله ، يا غلام اكسه وادفع إليه مائة درهم. فقال : مره أعزك الله أن يدفع إلى خمسة منها ويحفظ الباقي لي ، قال : ولم؟ قال لئلا تسرق مني أو يشتغل قلبي بحفظها. قال يا غلام ادفع إليه كلما جاءك خمسة دراهم إلى أن يفرق بيننا الموت قال فبكى جعيفران ، فقال له أحمد بن يوسف ما يبكيك؟ فقال :
يموت هذا الذي تراه |
|
وكل شيء له نفاد |
لو كان شيء له خلود |
|
عمّر ذا المفضل الجواد |
أخبرني الحسن بن محمّد الخلال ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم البزّاز ، حدّثنا أحمد بن مروان المالكيّ ـ بمصر ـ حدّثنا الحسن بن عليّ الربعي ، حدّثنا أبي قال : سمعت العتابي يقول : اجتمعنا على باب أبي دلف جماعة من الشعراء ، فكان يعدنا بأمواله من الكرج وغيرها ، فأتته الأموال فبسطها على الأنطاع ، وأجلسنا حولها ودخل إلينا فقمنا إليه فأومأ إلينا أن لا نقوم إليه ، ثم اتكأ على قائم سيفه ثم أنشأ يقول :
ألا أيها الزوار لا يد عندكم |
|
أياديكم عندي أجل وأكبر |
فإن كنتمو أفردتموني للرجا |
|
فشكري لكم من شكركم لي أكثر |
كفاني من مالي دلاص وسابح |
|
وأبيض من صافي الحديد ومغفر |
ثم أمر بنهب تلك الأموال فأخذ كل واحد على قدر قوّته.
أخبرني الأزهري ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن ، حدّثنا أحمد بن مروان المالكيّ ، حدّثنا المبرد ، حدّثنا أبو عبد الرّحمن التوزي قال : استهدى المعتصم من أبي دلف كلبا أبيض كان عنده ، فجعل في عنقه قلادة كيمخت أخضر وكتب عليها :
أوصيك خيرا به فإن له |
|
خلائقا لا أزال أحمدها |
يدل ضيفي على في ظالم اللي |
|
ل إذا النار نام موقدها |
أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ الكوفيّ ، أخبرنا أبو بكر الصولي قال : تذاكرنا يوما عند المبرد الحظوظ وأرزاق الناس من حيث لا يحتسبون ، قال : هذا يقع كثيرا ، فمنه قول ابن أبي فتن في أبيات عملها لمعنى أراده :
ما لي ومالك قد كلفتني شططا |
|
حمل السلاح وقول الدار عين قف |
أمن رجال المنايا خلتني رجلا |
|
أمسى وأصبح مشتاقا إلى التلف |
يمشي المنون إلى غيري فأكرهها |
|
فكيف أسعى إليها بارز الكتف |
أم هل حسبت سواد الليل شجعني |
|
أو أن قلبي في جنبي أبي دلف |