نحو لا رجل في الدار ونحو لا رجال في الدار في تطرق احتمال نفي جنس الجموع لا جنس الأفراد على ما فيه من البحث فلا ينبغي التعلّق بتلك الكلمة ولا يصح التعلق بما ذكره صاحب «المفتاح».
والذي ينبغي اعتماده أن استغراق المفرد والجمع في المعرف باللام وفي المنفي بلا التبرئة سواء وإنما يختلف تعبير أهل اللسان مرة بصيغة الإفراد ومرة بصيغة الجمع تبعا لحكاية الصورة المستحضرة في ذهن المتكلم والمناسبة لمقام الكلام ، فأما في المنفي بلا النافية للجنس فلك أن تقول لا رجل في الدار ولا رجال في الدار على السواء إلّا إذا رجح أحد التعبيرين مرجّح لفظي ، وأما في المعرف باللام أو الإضافة فكذلك في صحة التعبير بالمفرد والجمع سوى أنه قد يتوهم احتمال إرادة العهد وذلك يعرض للمفرد والجمع ويندفع بالقرائن.
وعلى في قوله : (عَلى حُبِّهِ) مجاز في التمكن من حب المال مثل (أُولئِكَ عَلى هُدىً) [البقرة : ٥] وهي في مثل هذا المقام للتنبيه على أبعد الأحوال من مظنة الوصف فلذلك تفيد مفاد كلمة مع وتدل على معنى الاحتراس كما هي في قوله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً) [الإنسان : ٨] وقول زهير :
من يلق يوما على علّاته هرما |
|
يلق السماحة فيه والنّدى خلقا |
قال الأعلم في «شرحه» أي فكيف به وهو على غير تلك الحالة ا ه.
وليس هذا معنى مستقلا من معاني على بل هو استعلاء مجازي أريد به تحقق ثبوت مدلول مدخولها لمعمول متعلقها ، لأنه لبعد وقوعه يحتاج إلى التحقيق ، والضمير للمال لا محالة والمراد أنه يعطي المال مع حبه للمال وعدم زهادته فيه فيدل على أنه إنما يعطيه مرضاة لله تعالى ولذلك كان فعله هذا برا.
وذكر أصنافا ممن يؤتون المال لأن إتيانهم المال ينجم عنه خيرات ومصالح.
فذكر ذوي القربى أي أصحاب قرابة المعطي فاللام في (القربى) عوض عن المضاف إليه ، أمر المرء بالإحسان إليهم لأن مواساتهم تكسبهم محبتهم إياه والتئامهم وهذا التئام القبائل الذي أراده الله بقوله : (لِتَعارَفُوا) [الحجرات : ١٣] فليس مقيّدا بوصف فقرهم كما فسر به بعض المفسرين بل ذلك شامل للهدية لأغنيائهم وشامل للتوسعة على المتضايقين وترفيه عيشتهم ، إذ المقصود هو التحابب.