كسوق الهدي ، وعند الشافعي يدخل الحج بنية ولو لم يصاحب قولا أو عملا وهو أرجح ؛ لأن النية في العبادات لم يشترط فيها مقارنتها لجزء من أعمال العبادة ، ولا خلاف أن السنة مقارنة الإهلال للاغتسال والتلبية واستواء الراحلة براكبها.
وضمير (فِيهِنَ) للأشهر ، لأنه جمع لغير عاقل فيجري على التأنيث.
وقوله : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) جواب من الشرطية ، والرابط بين جملة الشرط والجواب ما في معنى (فَلا رَفَثَ) من ضمير يعود على (من) ؛ لأن التقدير فلا يرفث.
وقد نفى الرفث والفسوق والجدال نفي الجنس مبالغة في النهي عنها وإبعادها عن الحاج ، حتى جعلت كأنها قد نهي الحاج عنها فانتهى فانتفت أجناسها ، ونظير هذا كثير في القرآن كقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ) [البقرة : ٢٢٨] وهو من قبيل التمثيل بأن شبهت حالة المأمور وقت الأمر بالحالة الحاصلة بعد امتثاله فكأنه امتثل وفعل المأمور به فصار بحيث يخبر عنه بأنه فعل كما قرره في «الكشاف» في قوله : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ) ، فأطلق المركب الدال على الهيئة المشبه بها على الهيئة المشبهة.
وقرأ الجمهور بفتح أواخر الكلمات الثلاث المنفية بلا ، على اعتبار (لا) نافية للجنس نصا ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو برفع (رفث) و (فسوق) على أن (لا) أخت ليس نافية للجنس غير نص وقرءا (ولا جدال) بفتح اللام على اعتبار (لا) نافية للجنس نصا وعلى أنه عطف جملة على جملة فروي عن أبي عمرو أنه قال : الرفع بمعنى لا يكون رفث ولا فسوق يعني أن خبر (لا) محذوف وأن المصدرين نائبان عن فعليهما وأنهما رفعا لقصد الدلالة على الثبات مثل رفع (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الفاتحة : ٢] وانتهى الكلام ثم ابتدأ النفي فقال : (وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) على أن (فِي الْحَجِ) خبر (لا) ، والكلام على القراءتين خبر مستعمل في النهي.
والرفث اللغو من الكلام والفحش منه قاله أبو عبيدة واحتج بقول العجاج :
وربّ أسراب حجيج كظّم |
|
عن اللّغا ورفث التّكلّم |
وفعله كنصر وفرح وكرم والمراد به هنا الكناية عن قربان النساء. وأحسب أن الكناية بهذا اللفظ دون غيره لقصد جمع المعنيين الصريح والكناية ، وكانوا في الجاهلية يتوقون ذلك ، قال النابغة :