القرآن ، قصد الإضرار بالمرأة. وقد يكون الإيلاء مباحا إذا لم يقصد به الإضرار ولم تطل مدته كالذي يكون لقصد التأديب ، أو لقصد آخر معتبر شرعا ، غير قصد الإضرار المذموم شرعا. وقد آلى النبي صلىاللهعليهوسلم من نسائه شهرا ، قيل : لمرض كان برجله ، وقيل : لأجل تأديبهن ؛ لأنهن قد لقين من سعة حلمه ورفقه ما حدا ببعضهن إلى الإفراط في الإدلال ، وحمل البقية على الاقتداء بالأخريات ، أو على استحسان ذلك. والله ورسوله أعلم ببواطن الأمور.
وأما جواز الإيلاء للمصلحة كالخوف على الولد من الغيل ، وكالحمية من بعض الأمراض في الرجل والمرأة ، فإباحته حاصلة من أدلة المصلحة ونفي المضرة ، وإنما يحصل ذلك بالحلف عند بعض الناس ، لما فيهم من ضعف العزم واتهام أنفسهم بالفلتة في الأمر ، إن لم يقيدوها بالحلف.
وعزم الطلاق : التصميم عليه ، واستقرار الرأي فيه بعد التأمل وهو شيء لا يحصل لكل مول من تلقاء نفسه ، وخاصة إذا كان غالب القصد من الإيلاء المغاضبة والمضارة ، فقوله : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ) دليل على شرط محذوف ، دل عليه قوله : (فَإِنْ فاؤُ) فالتقدير : وإن لم يفيئوا فقد وجب عليهم الطلاق ، فهم بخير النظرين بين أن يفيئوا أو يطلقوا فإن عزموا الطلاق فقد وقع طلاقهم.
وقوله (فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) دليل الجواب ، أي فقد لزمهم وأمضى طلاقهم ، فقد حد الله للرجال في الإيلاء أجلا محدودا ، لا يتجاوزونه ، فإما أن يعودوا إلى مضاجعة أزواجهم ، وإما أن يطلقوا ، ولا مندوحة لهم غير هذين.
وقد جعل الله للمولي أجلا وغاية ، أما الأجل فاتفق عليه علماء الإسلام ، واختلفوا في الحالف على أقل من أربعة أشهر ، فالأئمة الأربعة على أنه ليس بإيلاء ، وبعض العلماء : كإسحاق بن راهويه وحماد يقول : هو إيلاء ، ولا ثمرة لهذا الخلاف فيما يظهر ، إلّا ما يترتب على الحلف بقصد الضرّ من تأديب القاضي إياه إذا رفعت زوجه أمرها إلى القاضي ومن أمره إياه بالفيئة.
وأما الغاية فاختلفوا أيضا في الحاصل بعد مضي الأجل ، فقال مالك والشافعي : إن رفعته امرأته بعد ذلك يوقف لدى الحاكم ، فإما أن يفىء أو يطلق بنفسه ، أو يطلق الحاكم عليه ، وروي ذلك عن اثنى عشر من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم. وقال أبو حنيفة : إن مضت