أمية بن محرّث ، وصهيب وأشباههم ، وأنّ قريشا قالوا : (أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا) [الأنعام : ٥٣].
وذكر الواحدي في «أسباب النزول» : أنّ هذه الآية نزلت في حياة أبي طالب. فعن عكرمة قال : جاء عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، ومطعم بن عدي ، والحارث بن نوفل ، في أشراف بني عبد مناف إلى أبي طالب فقالوا : لو أنّ ابن أخيك محمدا يطرد عنه موالينا وعبيدنا وعتقاءنا كان أعظم من صدورنا وأطمع له عندنا وأرجى لاتّباعنا إيّاه وتصديقنا له. فأتى أبو طالب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فحدّثه بالذي كلّموه ، فقال عمر بن الخطاب : لو فعلت ذلك حتّى ننظر ما الذي يريدون وإلام يصيرون من قولهم ، فأنزل الله هذه الآية. فلمّا نزلت أقبل عمر يعتذر.
والمعنى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لحرصه على إيمان عظماء قريش ليكونوا قدوة لقومهم ولعلمه بأنّ أصحابه يحرصون حرصه ولا يوحشهم أن يقاموا من المجلس إذا حضره عظماء قريش لأنّهم آمنوا يريدون وجه الله لا للرياء والسمعة ولكن الله نهاه عن ذلك. وسمّاه طردا تأكيدا لمعنى النهي ، وذلك لحكمة : وهي كانت أرجح من الطمع في إيمان أولئك ، لأنّ الله اطّلع على سرائرهم فعلم أنّهم لا يؤمنون ، وأراد الله أن يظهر استغناء دينه ورسوله عن الاعتزاز بأولئك الطغاة القساة ، وليظهر لهم أنّ أولئك الضعفاء خير منهم ، وأنّ الحرص على قربهم من الرسول صلىاللهعليهوسلم أولى من الحرص على قرب المشركين ، وأنّ الدين يرغب الناس فيه وليس هو يرغب في الناس كما قال تعالى : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الحجرات : ١٧].
ومعنى (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) يعلنون إيمانهم به دون الأصنام إعلانا بالقول ، وهو يستلزم اعتقاد القائل بما يقوله ، إذ لم يكن يومئذ نفاق وإنّما ظهر المنافقون بالمدينة.
والغداة : أوّل النهار. والعشيّ من الزوال إلى الصباح. والباء للظرفية. والتعريف فيهما تعريف الجنس. والمعنى أنّهم يدعون الله اليوم كلّه. فالغداة والعشي قصد بهما استيعاب الزمان والأيام كما يقصد بالمشرق والمغرب استيعاب الأمكنة. وكما يقال : الحمد لله بكرة وأصيلا ، وقيل : أريد بالدعاء الصلاة. وبالغداة والعشي عموم أوقات الصلوات الخمس. فالمعنى ولا تطرد المصلّين ، أي المؤمنين.
وقرأ الجمهور (بِالْغَداةِ) ـ بفتح الغين وبألف بعد الدال ـ. وقرأه ابن عامر ـ بضمّ