والزّيتون ، وهو العجم بالتّحريك اسم جمع عجمة.
وجملة : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) في محلّ خبر ثان عن اسم (إنّ) تتنزّل منزلة بيان المقصود من الجملة قبلها وهو الفلق الّذي يخرج منه نبتا أو شجرا ناميا ذا حياة نباتية بعد أن كانت الحبّة والنّواة جسما صلبا لا حياة فيه ولا نماء. فلذلك رجّح فصل هذه الجملة عن الّتي قبلها إلّا أنّها أعمّ منها لدلالتها على إخراج الحيوان من ماء النطفة أو من البيض ، فهي خبر آخر ولكنّه بعمومه يبيّن الخبر الأوّل ، فلذلك يحسن فصل الجملة ، أو عدم عطف أحد الأخبار.
وعطف على (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) قوله (وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) لأنّه إخبار بضدّ مضمون (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) وصنع آخر عجيب دالّ على كمال القدرة وناف تصرّف الطّبيعة بالخلق ، لأنّ الفعل الصّادر من العالم المختار يكون على أحوال متضادة بخلاف الفعل المتولد عن سبب طبعي ، وفي هذا الخبر تكملة بيان لما أجمله قوله : (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) ، لأنّ فلق الحبّ عن النّبات والنّوى عن الشّجر يشمل أحوالا مجملة ، منها حال إثمار النّبات والشّجر : حبّا ييبس وهو في قصب نباته فلا تكون فيه حياة ، ونوى في باطن الثّمار يبسا لا حياة فيه كنوى الزّيتون والتّمر ، ويزيد على ذلك البيان بإخراج البيض واللّبن والمسك واللّؤلؤ وحجر (البازهر) من بواطن الحيوان الحيّ ، فظهر صدور الضدّين عن القدرة الإلهيّة تمام الظّهور.
وقد رجح عطف هذا الخبر لأنّه كالتكملة لقوله : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) أي يفعل الأمرين معا كقوله بعده (فالِقُ الْإِصْباحِ) وجاعل (اللَّيْلَ سَكَناً). وجعله في «الكشاف» عطفا على (فالِقُ الْحَبِ) بناء على أنّ مضمون قوله : (مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) ليس فيه بيان لمضمون (فالِقُ الْحَبِ) لأنّ فلق الحبّ ينشأ عنه إخراج الحيّ من الميّت لا العكس ، وهو خلاف الظّاهر لأنّ علاقة وصف (مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) بخبر (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) أقوى من علاقته بخبر (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى).
وقد جيء بجملة : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) فعليّة للدّلالة على أنّ هذا الفعل يتجدّد ويتكرّر في كلّ آن ، فهو مراد معلوم وليس على سبيل المصادفة والاتّفاق.
وجيء في قوله : (وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) اسما للدّلالة على الدّوام والثّبات ، فحصل بمجموع ذلك أنّ كلا الفعلين متجدّد وثابت ، أي كثير وذاتيّ ، وذلك لأنّ أحد الإخراجين ليس أولى بالحكم من قرينه فكان في الأسلوب شبه الاحتباك.