التفسير والبيان :
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) أي عذاب شديد للمنقصين في الكيل أو الوزن ، والتطفيف : الأخذ في الكيل أو الوزن شيئا طفيفا ، أي نزرا حقيرا أو يسيرا ، والمطفف : هو المقلل حق صاحبه بنقصانه عن الحق في كيل أو وزن. قال ابن كثير رحمهالله : البخس في المكيال والميزان : إما بالازدياد إن اقتضى من الناس ، وإما بالنقصان إن قضاهم ، ولهذا فسر تعالى المطففين الذين وعدهم بالخسار والهلاك وهو الويل بقوله تعالى :
(الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ، وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) أي هم الذين إذا اكتالوا من الناس وقبضوا لهم ، يأخذون حقهم وافيا زائدا ، وإذا كالوا أو وزنوا لغيرهم من الناس أو أقبضوهم ، ينقصون الكيل أو الوزن.
وقد أمر الله تعالى بالوفاء في الكيل والميزان ، فقال : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ، ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [الإسراء ١٧ / ٣٥] وقال سبحانه : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ ، لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) [الأنعام ٦ / ١٥٢] وقال عزوجل : (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) [الرحمن ٥٥ / ٩]. وأهلك الله قوم شعيب ودمرهم على ما كانوا يبخسون الناس في الميزان والمكيال ، بعد أن كرر النصح لهم ، فقال تعالى : (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ ، وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ ، وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [هود ١١ / ٨٥].
ثم توعد الله تعالى المطففين بقوله :
(أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) أي ألا يخطر ببال أولئك المطففين أنهم مبعوثون ، فمسئولون عما