يفعلون؟ وأما يخاف أولئك من البعث والقيام بين يدي ربهم في يوم عظيم الهول كثير الفزع ، جليل الخطب ، من خسر فيه أدخل نارا حامية؟ وهو يوم القيامة.
إنه يوم يقوم الناس فيه حفاة عراة ، في موقف صعب حرج ، منتظرين لأمر رب العالمين وجزائه وحسابه. وفي هذا دلالة على عظم ذنب التطفيف ، ومزيد إثمه ، وشدة عقابه ، لما فيه من خيانة الأمانة وأكل حق الغير. وفي الإشارة إليهم بأولئك ، وقد ذكرهم عما قريب ، تبعيد لهم عن رتبة الاعتبار ، بل عن درجة الإنسانية. وفي هذا الإنكار والتعجيب ، وكلمة الظن ، ووصف اليوم بالعظيم ، وقيام الناس فيه لرب العالمين ، بيان بليغ لعظم هذا الذنب. ويلاحظ أن المطففين إن كانوا من أهل الإسلام ، فالظن بمعنى اليقين أو العلم ، وإن كانوا كفارا منكري البعث ، فالظن بمعناه الأصلي ، والمراد : هب أنهم لا يقطعون بالبعث ، أفلا يظنونه أيضا ، كقوله : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) [الجاثية ٤٥ / ٣٢].
فقه الحياة أو الأحكام :
يستفاد من الآيات ما يأتي :
١ ـ التطفيف : وهو إنقاص حق الآخر في الكيل أو الوزن ونحوهما من المقاييس حرام شرعا ، موجب للإثم الشديد والعذاب الأليم في الآخرة ، وهو أيضا رذيلة اجتماعية ونقيصة وعيب يطعن في الخلق ، ويؤدي إلى ابتعاد الناس عن فاعله.
روي أن أهل المدينة كانوا تجارا يطففون ، وكانت بياعاتهم المنابذة والملامسة والمخاطرة ، يعني بيع الغرر ، كالطير في الهواء ، فنزلت ـ على أن السورة مدنية في رأي جماعة ـ فخرج رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، فقرأها عليهم ، فقال :