«خمس بخمس ، ما نقض قوم العهد إلا سلّط عليهم عدوهم ، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر ، ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ، ولا طفّفوا المكيال إلا منعوا النّبات ، وأخذوا بالسّنين ، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر» (١).
٢ ـ المراد بالتطفيف هنا : الزيادة في الكيل أو الوزن ونحوهما عند استيفاء الحق ، ونقص الكيل أو الوزن ونحوهما عند إيفاء الحق.
٣ ـ قوله تعالى : (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) توبيخ للمطففين ، وإنكار وتعجيب عظيم من حالهم ، في الاجتراء على التطفيف ، كأنهم لا يظنون أنهم مبعوثون يوم القيامة ، فمسئولون عما يفعلون. والظن هنا كما تقدم بمعنى اليقين ، أي ألا يوقن أولئك ، ولو أيقنوا ما نقصوا في الكيل والوزن. وهذا دليل على أن التطفيف من الكبائر.
وهذا الوعيد يتناول من يفعل ذلك ، ومن يعزم عليه ؛ إذ العزم عليه أيضا من الكبائر(٢).
وأكثر العلماء على أن قليل التطفيف وكثيره يوجب الوعيد ، وبالغ بعضهم كما تقدم ، حتى عدّ العزم عليه من الكبائر.
وقال الشيخ أبو القاسم القشيري رحمهالله : لفظ المطفف يتناول التطفيف في الوزن والكيل ، وفي إظهار العيب وإخفائه ، وفي طلب الإنصاف والانتصاف ، ومن لم يرض لأخيه المسلّم ما يرضاه لنفسه ، فليس بمنصف ، والذي يرى عيب الناس ولا يرى عيب نفسه ، فهو من هذه الجملة ، ومن طلب حق
__________________
(١) أخرجه الطبراني عن ابن عباس ، وهو حديث صحيح. وأخرجه أبو بكر البزار بمعناه ، ومالك بن أنس أيضا من حديث ابن عمر.
(٢) وهذا رأي الرازي ، تفسير الرازي : ٣١ / ٨٩