نفسه من الناس ، ولا يعطيهم حقوقهم ، كما يطلب لنفسه ، فهو من هذه الجملة ، والفتى من يقضي حقوق الناس ، ولا يطلب من أحد لنفسه حقا (١).
ويحكى أن أعرابيا قال لعبد الملك بن مروان : إن المطفف قد توجه عليه الوعيد العظيم الذي سمعت به ، فما ظنك بنفسك ، وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل ووزن؟!
٤ ـ قوله : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) أي للعرض والحساب ، فيه غاية التخويف ؛ لأن جلال الله وعظمته يملآن النفس رهبة وهيبة ، والقيام له شيء حقير أمام عظمته وحقه.
أما قيام الناس بعضهم لبعض ، ففيه خلاف ، فمنهم من أجازه ، ومنهم من منعه ، وقد روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قام إلى جعفر بن أبي طالب واعتنقه ، وقام طلحة لكعب بن مالك يوم تيب عليه ، وقال النبي صلىاللهعليهوسلم للأنصار ، حين طلع عليه سعد بن معاذ فيما رواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري : «قوموا إلى سيّدكم». وقال أيضا : «من سرّه أن يتمثل له الناس قياما ، فليتبوأ مقعده من النار» (٢).
قال القرطبي : وذلك يرجع إلى حال الرجل ونيته ، فإن انتظر ذلك واعتقده لنفسه ، فهو ممنوع ، وإن كان على طريق البشاشة والوصلة ، فإنه جائز ، وبخاصة عند الأسباب ، كالقدوم من السفر ونحوه (٣).
والخلاصة كما ذكر الرازي : جمع الله سبحانه في هذه الآية أنواعا من التهديد ، فقال أولا : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) وهذه الكلمة تذكر عند نزول البلاء ، وهذه الكلمة تذكر عند نزول البلاء ، ثم قال ثانيا : (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ) وهو استفهام بمعنى الإنكار ، ثم قال ثالثا :
__________________
(١) غرائب القرآن : ٣٠ / ٤٩
(٢) تفسير القرطبي : ١٩ / ٢٥٦
(٣) تفسير القرطبي : ١٩ / ٢٥٦