تلي عليه القرآن قال : أساطير الأولين ، أي أخبار الأولين المتقدمين وأكاذيبهم وأباطيلهم التي زخرفوها ، تلقاها محمد صلىاللهعليهوسلم من غيره من السابقين ، وهذا يعني في زعمهم أن القرآن ليس وحيا من عند الله تعالى.
وهذه الصفة الثالثة تشبه قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ : ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [النحل ١٦ / ٢٤] وقال سبحانه : (وَقالُوا : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها ، فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الفرقان ٢٥ / ٥] قيل : نزل هذا في الوليد بن المغيرة وأبي جهل ونظرائهما.
ثم بيّن الله تعالى أسباب افترائهم على القرآن ، فقال :
(كَلَّا ، بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي ارتدعوا وانزجروا عن هذه الأقوال ، فليس الأمر كما زعمتم أيها المعتدون الآثمون ، ولا كما قلتم : إن هذا القرآن أساطير الأولين ، بل هو كلام الله ، ووحيه ، وتنزيله على رسوله صلىاللهعليهوسلم ، وإنما السبب هو كثرة الذنوب والخطايا التي حجبت قلوبكم عن الإيمان بالقرآن ، والتي كوّنت عليها الرّين الذي منع نفاذ الحق والخير والنور إليها ، فأعماها عن رؤية الحقيقة. والرين : يعتري قلوب الكافرين ، فقوله : (رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ) أي غطى عليها. أخرج ابن جرير وأحمد والترمذي والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن العبد إذا أذنب ذنبا ، نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإن تاب ونزع واستغفر ، صقل قلبه ، وإن عاد زادت حتى تغلف قلبه ، فذلك الران الذي ذكره الله سبحانه في القرآن». قال الحسن البصري عن الران : هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب ، ويسودّ من الذنوب.
والطبع : أن يطبع على القلب ، وهو أشد من الرين.
ثم أبان الله تعالى أنهم مطرودون من أي رحمة أو تكريم ، فقال :
(كَلَّا ، إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ) أي ليس