الأمر كما يقولون من أن لهم في الآخرة منزلة حسنى ، بل إن هؤلاء الكفار محجوبون عن ربهم يوم القيامة ، لا ينظرون إليه كما ينظر المؤمنون ، فكما حجبهم في الدنيا عن توحيده بسبب سوء أعمالهم ، حجبهم في الآخرة عن رؤيته وكرامته.
قال الإمام الشافعي رضياللهعنه : وفي هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عزوجل يومئذ (١). وهذا استدلال بمفهوم الآية ، يدل عليه منطوق قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة ٧٥ / ٢٢ ـ ٢٣].
ثم إنهم مع هذا الحرمان عن رؤية الرحمن هم من أهل النيران ، فهم داخلو النار ، وملازموها غير خارجين منها ، ومقاسو حرها ، وصليّ الجحيم أشد من الإهانة وحرمان الكرامة.
ويقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ :
(ثُمَّ يُقالُ : هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) أي تقول لهم خزنة جهنم وزبانيتها تبكيتا لهم وتوبيخا : هذا هو العذاب الذي كنتم تكذبون به في الدنيا ، فانظروه وذو قوه.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
١ ـ إن أعمال الفجار العصاة الكفرة مرصودة في كتاب مسطور بيّن الكتاب ، معلم بعلامة ، ومصيرهم السجن والضيق في جهنم والعذاب المهين.
٢ ـ هناك شدة وعذاب أليم يوم القيامة للذين يكذبون بيوم الحساب والجزاء والفصل بين العباد.
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٤ / ٤٨٥