٣ ـ لا يصدر التكذيب بالبعث والآخرة إلا من الفاجر المتجاوز حدود الحق ، المعتدي على الخلق في معاملته إياهم ، وعلى نفسه ، وهو الأثيم العاصي في ترك أمر الله ، وهو القائل عن القرآن إذا تلي عليه : إنه أساطير الأولين ، أي أحاديثهم وأباطيلهم التي كتبوها وزخرفوها.
٤ ـ ليس القرآن أساطير الأولين كما زعموا ، وإنما هو كلام الله الحق المنزل على قلب نبيه المصطفى صلىاللهعليهوسلم. وسبب زعمهم كثرة القبائح والمعاصي التي غطت قلوبهم بالران وهو الحجاب الكثيف الذي يحدث بسبب تراكم الذنوب ، فمنعتها من رؤية الحق والباطل ، والتمييز بين الخير والشر.
٥ ـ حقا ، إن هؤلاء الكفار المنكرين للبعث المكذبين بالقرآن محجوبون عن رؤية ربهم يوم القيامة ، فلا ينظر إليهم نظرة رحمة ، ولا يرونه ، ثم إنهم يلازمون الجحيم (النار المحرقة) فلا يخرجون منها ، كلما نضجت جلودهم بدلهم الله جلودا غيرها ، وكلما خبت نارها زادهم الله سعيرا ، ويقال لهم من خزنة جهنم : هذا هو العذاب الذي كنتم تكذبون به رسل الله في الدنيا.
٦ ـ قال الزجاج في آية : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) : في هذه الآية دليل على أن الله عزوجل يرى في القيامة ، ولولا ذلك ما كان في هذه الآية فائدة ، ولا خسّت منزلة الكفار بأنهم يحجبون.
وقال جل ثناؤه : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة ٧٥ / ٢٢ ـ ٢٣] فأعلم الله جل ثناؤه أن المؤمنين ينظرون إليه ، وأعلم أن الكفار محجوبون عنه.
وقال مالك بن أنس في هذه الآية : لما حجب أعداءه ، فلم يروه ، تجلى لأوليائه حتى رأوه.