٢ ـ (وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ) أي وإذا مر الكفار بالمؤمنين يتغامزون عليهم محتقرين لهم ، يعيرونهم بالإسلام ، ويعيبونهم به. والتغامز : صيغة تفاعل تقتضي المشاركة ، من الغمز : وهو الإشارة بالجفن والحاجب استهزاء ، ويكون الغمز أيضا بمعنى العيب ، يقال : غمزة : إذا عابه ، وما في فلان غميزة ، أي ما يعاب به ، والمعنى : أنهم يشيرون إليهم بالأعين استهزاء ، ويعيبونهم ، ويقولون : انظروا إلى هؤلاء يتعبون أنفسهم ، ويحرمونها لذاتها ، ويخاطرون بأنفسهم في طلب ثواب لا يتيقنونه.
٣ ـ (وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) أي وإذا رجع الكفار إلى أهلهم في منازلهم من مجالسهم في السوق ، رجعوا معجبين بما هم فيه ، متلذذين به ، يتفكهون بما فعلوا بالمؤمنين ، وبما قاموا به من استهزاء وطعن فيهم ، واستهزاء بهم ، ووصفهم بالسخف والطيش وضعف الرأي وقلة العقل.
٤ ـ (وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا : إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) أي وإذا رأى المشركون المؤمنين ، ووصفوهم بالضلال ؛ لكونهم على غير دينهم وعقائدهم الموروثة ، ولاتباعهم محمّدا ، وتمسكهم بما جاء به ، وتركهم التنعم الحاضر بسبب طلب ثواب لا يدرى : هل له وجود أم لا.
فرد الله تعالى عليهم ما قالوه بقوله :
(وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ) أي وما بعث هؤلاء المجرمون من قبل الله رقباء على المؤمنين ، يحفظون عليهم أحوالهم وأعمالهم وأقوالهم ، ولا كلّفوا بهم؟ وإنما كلفوا بالنظر في شؤون أنفسهم.
ثم قرر الله تعالى مبدأ المعاملة بالمثل في الآخرة ، تسلية للمؤمنين وتقوية قلوبهم ، فقال :