والعجب بما هم فيه من الشرك والمعصية والتنعم بالدنيا ، وقولهم بأن المؤمنين في ضلال لتركهم دين الآباء والأجداد واتباعهم محمدا صلىاللهعليهوسلم ، وتركهم التنعم الحاضر بسبب طلب ثواب غير مؤكد الحصول.
٢ ـ قوبل الكفار في الآخرة بمثل فعلهم وقولهم ، تسلية للمؤمنين ، وتثبيتا لهم على الإسلام ، وتصبرا على متاعب التكاليف ، وأذية الأعداء ، في أيام معدودة ، لنيل ثواب لا نهاية له ولا غاية ، ففي الآخرة يهزأ المؤمنون من الكفار ويضحكون منهم ، كما ضحك الكفار منهم في الدنيا ، بسبب الضر والبؤس ، فضحك المؤمنون منهم بسبب ما هم فيه من أنواع العذاب والبلاء.
قال قتادة في قوله تعالى : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) : ذكر لنا أن كعبا كان يقول : إن بين الجنة والنار كوىّ ، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدوّ كان له في الدنيا ، اطلع من بعض الكوى ؛ قال الله تعالى في آية أخرى : (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) [الصافات ٣٧ / ٥٥] قال : ذكر لنا أنه اطلع فرأى جماجم القوم تغلي.
ويدخل المؤمنون الجنة ، وأجلسوا على الأرائك ينظرون إلى الكفار ، كيف يعذبون في النار ، وكيف يصطرخون فيها ، ويدعون بالويل والثبور ، ويلعن بعضهم بعضا.
ويقال على سبيل التهكم : (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) كقوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان ٤٤ / ٤٩] والمعنى : كأنه تعالى يقول للمؤمنين : هل جازينا الكفار على عملهم الذي كان من جملته ضحكهم بكم واستهزاؤهم بطريقتكم ، كما جازيناكم على أعمالكم الصالحة؟ فيكون هذا القول زائدا في سرورهم ؛ لأنه يقتضي زيادة في تعظيمهم والاستخفاف بأعدائهم.