والضلال؟ ومن هؤلاء الجنود وأشهر حديثهم وخبرهم المتعارف : فرعون وجنوده ، وقبيلة ثمود من العرب البائدة قوم صالح عليهالسلام. والمراد بحديثهم : ما وقع منهم من الكفر والعناد ، وما حلّ بهم من العذاب. والمراد بفرعون : هو وجنوده. أما فرعون وأتباعهم فأغرقهم الله في اليمّ : البحر الأحمر ، وأما ثمود الذين عقروا ناقة نبيهم صالح ، فدمّر الله بلادهم وأهلكهم بالطاغية أي الصيحة المجاوزة للحدّ في الشدة.
ثم أشار الله تعالى إلى أن هذا شأن الكفار وصنيعهم في كل زمان ، فقال : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ) أي فالواقع القائم أن هؤلاء المشركين العرب في تكذيب شديد لك أيها النبي ، ولما جئت به ، ولم يعتبروا بمن كان قبلهم من الكفار.
وفي هذا إضراب عن التذكير بقصة الجنود إلى التصريح بتكذيب كفار قريش.
وبعد تطييب قلب الرسول صلىاللهعليهوسلم بحكاية أحوال الأولين وموقفهم من الأنبياء ، سلّاه بعد ذلك من وجه آخر ، فقال :
(وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) أي إن الله تعالى قادر على أن ينزل بهم ما أنزل بأولئك ، قاهر الجبارين لا يفوتونه ولا يعجزونه ، فهو مقتدر عليهم ، وهم في قبضته لا يجدون عنها مهربا. وهذا دليل على أنه تعالى عالم بهم فيجازيهم ، وعلى أنه لا داعي للجزع من تكذيبهم وإصرارهم على الكفر وعنادهم.
ثم ردّ على تكذيبهم بالقرآن ، فقال :
(بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) أي إن هذا القرآن الذي كذبوا به شريف الرتبة في نظمه وأسلوبه حتى بلغ حدّ الإعجاز ، متناه في الشرف والكرم والبركة ، وليس هو كما يقولون : إنه شعر وكهانة وسحر. وإنما هو كلام الله