المصون عن التغيير والتحريف ، المكتوب في اللوح المحفوظ ، وهو أم الكتاب ، وهذا كقوله تعالى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ، فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) [الواقعة ٥٦ / ٧٧ ـ ٧٨]. أي أن الكتاب المكنون واللوح المحفوظ واحد.
قال بعض المتكلمين : اللوح شيء يلوح للملائكة ، فيقرءونه ، وأمثال هذه الحقائق مما يجب به التصديق سمعا ، أي أن اللوح المحفوظ شيء أخبرنا الله به ، فيجب علينا الإيمان به كما أخبر الله ، وإن لم نعرف حقيقته.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ إن عقاب الله وانتقامه ، وأخذه الجبابرة والظلمة لشديد قوي ، كما قال جلّ ثناؤه: (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى ، وَهِيَ ظالِمَةٌ ، إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود ١١ / ١٠٢].
٢ ـ إن الله تعالى بدأ خلق الناس أولا في الدنيا ، ثم يعيدهم عند البعث.
٣ ـ لله تعالى صفات عليا لا تتحقق في غيره ، فهو الغفور الستور لذنوب عباده المؤمنين لا يفضحهم بها ، الودود المحب لأوليائه ، صاحب العرش الأعظم من كل المخلوقات ، وصاحب الملك والسلطان المطلق ، المجيد البالغ النهاية في الكرم والفضل ، السامي القدر المتناهي في علوه ، الفعال لما يريد ، أي لا يمتنع عليه شيء يريده. قال القفال : فعّال لما يريد على ما يراه ، لا يعترض عليه معترض ، ولا يغلبه غالب ، فهو يدخل أولياءه الجنة ، لا يمنعه منه مانع ، ويدخل أعداءه النار ، لا ينصرهم منه ناصر ، ويمهل العصاة على ما يشاء إلى أن يجازيهم ، ويعاجل بعضهم بالعقوبة إذا شاء ، ويعذب من شاء منهم في الدنيا وفي الآخرة ، يفعل من هذه الأشياء ومن غيرها ما يريد (١).
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣١ / ١٢٣ ـ ١٢٤