٤ ـ قد أتاك يا محمد خبر الجموع الكافرة المكذبة لأنبيائهم ، وهذا إيناس له وتسلية ، والجموع : فرعون وأتباعه وثمود ، وذكرا لأن حديثهما مشهور معروف من طريق اليهود في المدينة وغيرهم ، فإن ثمود في بلاد العرب ، وقصتهم عندهم مشهورة ، وإن كانوا من المتقدمين ، وأمر فرعون كان مشهورا عند أهل الكتاب وغيرهم ، وكان من المتأخرين في الهلاك ؛ فدلّ الله بهما على أمثالهما في الهلاك.
والواقع أن كفار قريش في تكذيب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كدأب من قبلهم.
٥ ـ الله يقدر على أن ينزل بكفار مكة في الدنيا ما أنزل بفرعون ، والله عالم بهم ، فهو يجازيهم في الآخرة.
٦ ـ ليس القرآن كما زعم المشركون أنه سحر أو كهانة أو شعر ، بل هو كتاب متناه في الشرف والكرم والبركة ، وهو بيان ما يحتاج إليه الناس من أحكام الدين والدنيا. وهو مكتوب عند الله في لوح ، ومحفوظ عند الله من وصول الشياطين إليه.
قال ابن عباس : أول شيء كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ : «إني أنا الله ، لا إله إلا أنا ، محمد رسولي ، من استسلم لقضائي ، وصبر على بلائي ، وشكر نعمائي ، كتبته صدّيقا وبعثته مع الصدّيقين ، ومن لم يستسلم لقضائي ، ولم يصبر على بلائي ، ولم يشكر نعمائي ، فليتخذ إلها سواي» (١).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ٢٩٨