لهم ، وسخّروا في بنائها شعوبهم. وقيل : الأوتاد : الجنود والعساكر والجموع والجيوش التي تشدّ ملكه.
والتعبير بالأوتاد عن الأبنية يشير إلى هياكلهم العظيمة التي لها شكل الأوتاد المقلوبة ، فهي عريضة القاعدة ، ثم تصير رفيعة دقيقة في رأسها.
(الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ) أي هؤلاء الذين سبق ذكرهم وهم عاد وثمود وفرعون الذين تجاوزوا في بلادهم الحدّ في الظلم والجور ، وتمردوا وعتوا ، واغتروا بقوتهم ، وأكثروا الفساد فيها بالكفر والمعاصي وظلم العباد.
(فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) أي فأنزل الله تعالى على تلك الطوائف نوعا من العذاب الشديد ، مشبها ما أوقعه بهم بالسوط المؤلم الذي يستعمل في تطبيق العقوبات. وقد ذكر نوع عقوباتهم تفصيلا في سورة الحاقة [الآيات : ٥ ـ ١٠].
ثم ذكر الله تعالى سبب العذاب وهو الجريمة ، فقال :
(إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) أي إن الله يرصد عمل كل إنسان ، فلا يفوته شيء ، حتى يجازيه عليه بالخير خيرا ، وبالشر شرّا ، ولا يهمل منه شيئا قلّ أو كثر ، صغر أو كبر. والمرصاد : المكان الذي يرقب فيه الرصد.
والغرض من تكرار هذه القصص في مواضع مختلفة من القرآن الكريم هو التذكير بها ، والعظة والعبرة منها ، إما بالاستدلال على قدرته تعالى ، وإما ببيان قهره العباد ، وإما بإنذارهم وتخويفهم ، ليدركوا أن ما جرى على شخص أو قوم ، يجري على النظير والمثيل.