لا حجة فوق هذا. ومن هنا قال بعضهم : فيه دليل على أنه تعالى أراد ربّ هذه الأشياء ، ليكون غاية في القسم.
٣ ـ ذكر الله تعالى للعبرة ، ولتسلية النبي صلىاللهعليهوسلم قصة ثلاث فرق على سبيل الإجمال ؛ لأنهم أعلام في القوة والشدة والتجبر ، وهم عاد الأولى أو إرم ذات الأبنية المرفوعة على العمد ، ومعنى إرم : القديمة ، والتي لم يخلق مثل تلك القبيلة في زمنها في البلاد ، قوة وشدة ، وعظم أجساد ، وطول قامة.
وثمود قوم صالح عليهالسلام الذين قطعوا الصخر ونحتوه ، وبنوا به البيوت العظيمة بوادي القرى ، قال المفسرون : أول من نحت الجبال والصور والرخام : ثمود ، فبنوا من المدائن ألفا وسبع مائة مدينة كلها من الحجارة ، ومن الدور والمنازل ألفي ألف وسبع مائة ألف ، كلها من الحجارة.
وفرعون حاكم مصر ذو الأوتاد أي صاحب الأبنية الشاهقة ، أو الجنود الكثيرة أو الأوتاد الأربعة لتعذيب الناس.
٤ ـ هؤلاء الطوائف الثلاث : عاد وثمود وفرعون طغوا في البلاد ، أي تجاوزوا الحدّ في الظلم والعدوان ، وتمرّدوا وعتوا ، فأكثروا فيها الفساد ، أي الجور والأذى ، فعاقبهم الله عقابا شديدا ، وصبّ عليهم سوط عذاب ، أي أفرغ عليهم وألقى نوعا من العذاب الشديد عليهم ؛ لأن الجزاء من جنس العمل.
وفيه إشارة إلى أن عذاب الدنيا بالنسبة إلى عذاب الآخرة كالسوط بالنسبة إلى القتل مثلا ، ثم أشار إلى عذاب الآخرة أو إليه مع عذاب الدنيا بقوله : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) أي يمهل ولكنه لا يهمل ، ويرصد عمل كل إنسان حتى يجازيه به.