منها ، وجمع الأموال فيها من حيث تتهيأ ، دون تفرقة بين حلال وحرام ، وتوهم ألا حساب ولا جزاء.
وسيأتي يوم القيامة وما يقع فيه من الأهوال الرهيبة ، وتظهر فيه أوصاف ثلاثة ، فتدكّ الأرض دكّا بعد دكّ ، أي تكسر وتدق ، وتتزلزل وتتحرك تحركا بعد تحريك ، وتهدّ جبالها حتى تستوي مع سطح الأرض ، فتسوّى الأرض والجبال ، ويقوم الناس من قبورهم. وقوله : (دَكًّا دَكًّا) يدل على تكرار الدكّ حتى صارت الجبال هباء منبثا.
(وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) أي وجاء الله سبحانه وتعالى لفصل القضاء بين عباده ، وتصدر أوامره وأحكامه بالجزاء والحساب ، وتظهر آيات قدرته وآثار قهره ، ويقف الملائكة مصطفين صفوفا للحراسة والحفظ والهيبة. وهذه هي الصفة الثانية من صفات ذلك اليوم.
(وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) أي وكشفت للناظرين بعد غيبتها وتحجبها عنهم ، كما قال تعالى : (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) [الشعراء ٢٦ / ٩١] ، وقال أيضا : (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى) [النازعات ٧٩ / ٣٦]. وهذه هي الصفة الثالثة من صفات ذلك اليوم.
(يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ، وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى ، يَقُولُ : يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) أي في ذلك اليوم يندم الإنسان على ما قدّم في الدنيا من الكفر والمعاصي ، وعلى ما عمل من أعمال السوء ، وكيف تنفعه الذكرى؟ أي لا تنفعه ، فقد فات الأوان ، وإنما كانت تنفعه الذكرى لو تذكر الحق قبل حضور الموت. ويقول مبينا تذكره : يا ليتني قدمت الخير والعمل الصالح لحياتي الأخروية الدائمة الباقية ، فهي الحياة الأخيرة لأهل النار ولأهل الجنة جميعا. ويصح جعل اللام بمعنى الوقت ، أي وقت حياتي في الدنيا.