والخلاصة : أن كلا من الأتقى والأشقى يشمل قسمين ، فالأتقى : يشمل المؤمن البار الذي ابتعد عن الفواحش كلها ، والمؤمن الذي يذنب أحيانا فيتوب ويندم ، وثواب كل منهما الجنة.
والأشقى : يشمل الكافر الجاحد بالله وبرسله وبما أنزل عليه ، والمسلم الذي آمن في قلبه بالله ورسله ، ولكنه يصر على بعض المعاصي والسيئات ولا يتوب منها ، وهذا دليل على نقص تصديقه ، بدليل قوله صلىاللهعليهوسلم فيما أخرجه ابن ماجه : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن».
والأول مخلّد في النار ، والثاني معذب فيها على وفق مشيئة الله ، ثم يخرج إلى الجنة. وأما صفة الأتقى والأشقى فهو كلام وارد على سبيل المبالغة.
قال الزمخشري : الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين ، وعظيم من المؤمنين ، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين ، فقيل : (الْأَشْقَى) وجعل مختصا بالصلي ، كأن النار لم تخلق إلا له ، وقيل : (الْأَتْقَى) وجعل مختصا بالنجاة ، كأن الجنة لم تخلق إلا له. وقيل : هما أبو جهل أو أمية بن خلف ، وأبو بكر رضياللهعنه (١).
أخرج الإمام أحمد وابن ماجه وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يدخل النار إلا من شقي ، قيل : ومن الشقي؟ قال : الذي لا يعمل لله تعالى طاعة ، ولا يترك لله تعالى معصية».
__________________
(١) الكشاف : ٣ / ٣٤٤