وروى أيضا حديث شرح الصدر عبد الله ابن الإمام أحمد عن أبي بن كعب : أن أبا هريرة كان جريئا على أن يسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أشياء ، لا يسأله عنها غيره ، فقال : يا رسول الله ، ما أول ما رأيت من أمر النبوة؟ فاستوى رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالسا ، وقال : «لقد سألت يا أبا هريرة ، إني في الصحراء ابن عشر سنين وأشهر ، وإذ بكلام فوق رأسي ، وإذا رجل يقول لرجل أهو هو؟ فاستقبلاني بوجوه لم أرها قط ، وأرواح لم أجدها من خلق قط ، وثياب لم أرها على أحد قط ، فأقبلا إلي يمشيان ، حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي ، لا أجد لأحدهما مسّا ، فقال أحدهما لصاحبه : أضجعه ، فأضجعاني بلا قصر ولا هصر ، فقال أحدهما لصاحبه : افلق صدره ، فهوى أحدهما إلى صدري ، ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع ، فقال له : أخرج الغل والحسد ، فأخرج شيئا كهيئة العلقة ، ثم نبذها ، فطرحها ، فقال له : أدخل الرأفة والرحمة ، فإذا مثل الذي أخرج شبه الفضة ، ثم هزّ إبهام رجلي اليمنى ، فقال : أعد وأسلم ، فرجعت بها أعدو رقّة على الصغير ، ورحمة على الكبير».
وفي الصحيح عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة ـ رجل من قومه : أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «فبينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان ، إذ سمعت قائلا يقول : أحد الثلاثة بين الرجلين ، فأتيت بطست من ذهب ، فيها ماء زمزم ، فشرح صدري إلى كذا وكذا» ـ قال قتادة : قلت : ما يعني؟ قال : إلى أسفل بطني ـ قال : فاستخرج قلبي ، فغسل قلبي بماء زمزم ، ثم أعيد مكانه ، ثم حشي إيمانا وحكمة».
والخلاصة من حديث شق الصدر : أن جبريل عليهالسلام أتى محمدا صلىاللهعليهوسلم في صغره ، وشق صدره ، وأخرج قلبه وغسله وأنقاه من المعاصي ، ثم ملأه علما وإيمانا ، ووضعه في صدره.