بانتصاب القامة وحسن الصورة واستجماع خواص الكائنات ، يقال : قوّم الشيء تقويما : جعله على أعدل وجه وأكمل صورة. والتقويم أيضا : معرفة قدر الشيء وقيمته. (ثُمَّ رَدَدْناهُ) رددنا بعض أفراده وهو الكافر أو بعض الناس. (أَسْفَلَ سافِلِينَ) أي جعلناه من أهل النار الذين هم أسفل من كل سافل ، وقيل : هو كناية عن الهرم والضعف ، وأرذل العمر (أي الخرف) فيكون : (إِلَّا الَّذِينَ ..) استثناء منقطعا بمعنى لكن. (غَيْرُ مَمْنُونٍ) غير مقطوع عنهم ، جاء في الحديث الذي أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس : «إذا كبر العبد وضعف عن العمل ، كتب له أجر ما كان يعمل في شبيبته».
(فَما يُكَذِّبُكَ) أيها الكافر. (بَعْدُ) بعد ما ذكر من خلق الإنسان في أحسن صورة ، ثم رده إلى أرذل العمر ، الدال على القدرة الإلهية على البعث. (بِالدِّينِ) الجزاء بعد البعث والحساب ، أي ما يجعلك مكذبا بالبعث ولا جاعل ولا موجب لهذا التكذيب؟
سبب النزول :
نزول الآية (٥):
(ثُمَّ رَدَدْناهُ ..) : أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) قال : هم نفر ، ردوا إلى أرذل العمر ، على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسئل عنهم حتى سفهت عقولهم ، فأنزل الله عذرهم ، أن لهم أجرهم الذي عملوا ، قبل أن تذهب عقولهم.
التفسير والبيان :
(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) أي قسما بالتين الذي يأكله الناس ، وبالزيتون الذي يعصرون منه الزيت ، فالمراد من التين والزيتون هذان الشيئان المشهوران ، قال ابن عباس : هو تينكم وزيتونكم هذا.
وهما كناية عن البلاد المقدسة التي اشتهرت بإنبات التين والزيتون. وإنما أقسم بالتين ؛ لأنه غذاء وفاكهة ودواء ، فهو غذاء لأنه طعام لطيف ، سريع الهضم ، لا يمكث في المعدة ، يلين الطبع ، ويقلل البلغم ، ويطهر الكليتين ،