٤ ـ من كرم الله تعالى وفضله : أن الإنسان ما لم يكن يعلمه ، لينقله من ظلمة الجهل إلى نور العلم ، فقد شرّفه وكرّمه بالعلم ، وبه امتاز أبو البرية آدم على الملائكة ، والعلم إما بالفكر والذهن ، وإما باللسان ، وإما بالكتابة بالبنان. قال قتادة : القلم نعمة من الله تعالى عظيمة ، لو لا ذلك لم يقم دين ، ولم يصلح عيش.
وفضائل الكتابة والخط كثيرة ، فحيث منّ الله على الإنسان بالخط والتعليم ، مدح ذاته بالأكرمية ، فقال : (وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) أي علّم الإنسان بواسطة القلم ، أو علّمه الكتابة بالقلم.
مع أنه سبحانه حين عدد على الإنسان نعمة الخلق والتسوية وتعديل الأعضاء الظاهرة والباطنة ، وصف نفسه بالكرم قائلا : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ، ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ ، فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) [الانفطار ٨٢ / ٦ ـ ٧].
جاء في الحديث الصحيح : «أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب ، فكتب ما يكون إلى يوم القيامة ، فهو عنده في الذّكر فوق عرشه» (١).
وكانت أمّية الرسول صلىاللهعليهوسلم ثم تعليمه من الله أثبت لمعجزته بين العرب الأميين ، وأقوى في حجته.
٥ ـ أخبر الله تعالى عن طبع ذميم في الإنسان وهو أنه ذو فرح وأشر ، وبطر وطغيان إذا رأى نفسه قد استغنى ، وكثر ماله.
لذا هدده الله وتوعده ووعظه ليضبط طغيانه ويوقف تهوره بإخباره بأنه إلى الله المصير والمرجع ، وسيحاسب كل إنسان على ماله ، من أين جمعه ، وفيم صرفه وأنفقه.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢٠ / ١٢١